Page 215 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 215

‫‪213‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

                    ‫رأى‬

                    ‫الثقافة العربية‬

                         ‫وتنصيص الجنس‬

               ‫د‪.‬جاسم محمد جاسم‬

                                  ‫(العراق)‬

‫أسُ اف ونائلة‬          ‫على هذين السؤالين أن‬        ‫الذي تطرحه هذه الأسطورة‬         ‫يشكل (الجنس) وحضوره‬
                    ‫اللاشعور الجمعي العربي‬      ‫هنا هو‪ :‬هل كان تحويل أساف‬
                   ‫في تلك الفترة كان ينظر إلى‬                                           ‫في مدونة الأدب العربي‬
                 ‫الجانب الجنسي بتقديس إلى‬          ‫ونائلة إلى صنمين معبودين‬          ‫إشكاية كبيرة‪ ،‬ذلك أن هذه‬
                   ‫الحد الذي يجعل من المسخ‬          ‫تكري ًما أم عقوبة لهما؟ وما‬
               ‫الظاهري بتحويل الممارسين إلى‬         ‫الذي يجعل المجتمع العربي‬           ‫الغريزة لا ُيزال ينظر إلى‬
                ‫حجر؛ سم ًّوا في المعنى الباطن‪،‬‬     ‫في العصر الجاهلي يتقبل أن‬     ‫(تنصيصها) أدبيًّا بعين الريبة‪،‬‬
                   ‫وما تحويل رموز الممارسة‬        ‫يعبد عاشقين ارتكبا الخطيئة‬
                ‫الجنسية إلى صنمين من حجر‬          ‫في أقدس بقعة دينية منذ ذلك‬          ‫على الرغم من أن الموروث‬
               ‫إلا إمعان في إرادة الخلود لهما‪،‬‬  ‫الوقت‪ ،‬وهم على علم بما ورثوه‬        ‫المعرفي والميثولوجي يغصان‬
                 ‫فالحجر هو المادة القادرة على‬      ‫من أسطورة عنهما أنهما قد‬       ‫بتفاصيل الجنس وحيثياته إلى‬
                    ‫الصمود والمطاولة وعبور‬          ‫جاءا بـ(الفاحشة)‪ .‬ثم لماذا‬      ‫الحد الذي جعل من مرتكبي‬
               ‫الأزمنة متسامية على التغير في‬    ‫حولت الميثولوجيا أساف ونائلة‬     ‫(الخطيئة الجنسية) آلهة كما في‬
                ‫مادتها قيا ًسا بعناصر الطبيعة‬     ‫إلى صنمين من حجر تحدي ًدا‬      ‫أسطورة (أُساف ونائلة) اللذين‬
                   ‫الأخرى مث ًل‪ ،‬لذا نجد تميم‬     ‫رغم أن الأوثان كانت تصنع‬          ‫تشير الأسطورة إلى كونهما‬
                  ‫بن مقبل في أمنيته الحجرية‬        ‫من مواد أخرى غير الحجر‪،‬‬       ‫صنمين‪ ،‬وق ّصتهما من المصادر‬
                ‫يتمنى أن يكون حج ًرا لا تهزه‬     ‫وما قصة آلهة التمر ببعيدة في‬        ‫الإسلامية أن أساف ونائلة‬
                 ‫الحوادث ولا تؤثر فيه عوامل‬                                       ‫كانا عاشقين جاءا حجا ًجا إلى‬
                                                                ‫هذا المضمار؟‬       ‫الكعبة‪ ،‬ولكنهما أحدثا داخلها‬
                                                   ‫نستشف في معرض الإجابة‬
                                                                                       ‫‪-‬أي الكعبة‪ -‬فمسخا إلى‬
                                                                                    ‫صنمين من حجر‪ ،‬والسؤال‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220