Page 220 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 220

‫العـدد ‪29‬‬                                     ‫‪218‬‬

                                   ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬

 ‫كذلك زملاء عمل ورفقاء سهر‬              ‫تقود إلى غاية الهدم‪ ،‬لكنها‬                    ‫أخرى إنه إعلامي ناجح لا‬
  ‫وصحبة أمل وألم وضحكات‬            ‫المحاولات اليائسة‪ ،‬وهو لا يبالي‬                 ‫أكثر‪ ،‬يجيد الترويج لما يكتبه‪،‬‬
                       ‫ودموع‪.‬‬                                                       ‫وله شلة تعين انتشاره‪ ،‬ولو‬
  ‫يسير طارق في شوارع المدن‬             ‫بأمثال هؤلاء العجزة الذين‬                 ‫صح قولهم لما كان صمد دقيقة‬
  ‫بيقين كامل أنه سيقابل المنبع‬     ‫تخطاهم التقدير السليم للأمور‬                     ‫في أوساط معقدة كالأوساط‬
   ‫الأرقى للأشياء‪ ،‬في مرة من‬                                                     ‫التي انغمس فيها‪ ،‬والتي تراقب‬
      ‫المرات‪ ،‬ويشرب منه فوق‬           ‫وجاوزتهم المودة والفضائل‪.‬‬                  ‫الأنفاس وتحصيها على البشر‪،‬‬
    ‫ما يشرب الظمآن الملهوف‪،‬‬         ‫لا يصح الحديث عن الخصوم‬
   ‫هو مديني بامتياز‪ ،‬مديني لا‬                                                         ‫وتقيس كل شيء بمقياس‬
                                       ‫الكثيرين بدون الإشارة إلى‬                     ‫دقيق‪ ،‬بل لم يكن صار ألِ ًقا‬
‫يرفض القرى ولا يتعالى عليها‪،‬‬              ‫المحبين والداعمين‪ ،‬وهم‬                    ‫ولا ظاف ًرا البتة‪ ،‬وقولهم هذا‬
‫وإن لم يحتف بها قلمه الاحتفاء‬                                                    ‫بالمناسبة يعكس جه ًل بالحكاية‬
                                        ‫الأكثر على الرغم من قلتهم‬                    ‫كلها‪ ،‬حكاية الفنون وأهلها‬
  ‫الواجب بعد‪ ،‬ولا بأس بالأمر‬       ‫العددية‪ ،‬الأكثر بالمعنى لا المبنى‬              ‫والإبداع وأصحابه‪ ،‬فالحكاية‪،‬‬
  ‫فهذا حقه الذي لا ينازعه فيه‬       ‫والنوعية لا الكمية‪ ،‬على رأسهم‬                 ‫بنطاق الكتابة الأدبية التي هي‬
‫أحد‪ .‬الفكرة‪ ،‬فكرة اللقاء بالمنبع‬                                                  ‫موضوعنا هنا‪ ،‬ليست سطو ًرا‬
                                        ‫والده الفذ‪ ،‬وإن كان داع ًما‬                  ‫على الأوراق وحسب‪ ،‬وإنما‬
    ‫المقصود‪ ،‬تبدو فكرة علوية‬         ‫معنو ًّيا ُمل ِه ًما بلا تد ُّخ ٍل ماد ٍّي‬     ‫ك ٌّد وتعب في تسويق الكاتب‬
‫مثالية لا تناسب إيمانه بحتمية‬        ‫ما؛ فإنكار الواسطة ديدنه‪ ،‬ثم‬                    ‫لما يكتبه بعد ذلك‪ ،‬التسويق‬
‫الخطأ‪ ،‬وربما أهميته‪ ،‬من حيث‬           ‫إن الرجل الوقور‪ ،‬بكل ثقله‪،‬‬                  ‫بكرامة وشرف‪ ،‬فهو ف ٌّن موا ٍز‬
 ‫كونه السبيل الأمثل إلى إدراك‬        ‫كان مراده ال َّسرمد ُّي لابنه أن‬              ‫يجعل الحكاية مكتملة‪ ،‬وليس‬
                                   ‫يبلغ العلياء ب ُسلَّ ِم ِه لا ُسلَّ ِم أبيه‪،‬‬      ‫بسبة ولا عار‪ ،‬هذا لو صح‬
     ‫وميض الصواب‪ ،‬الصواب‬              ‫وهو ذاته ما كان مراد الابن‬                 ‫أص ًل أن صاحبنا العزيز يتبنى‬
‫النسبي عنده لا المطلق كما عند‬         ‫ال َّسرمد َّي لنفسه‪ ،‬ونجحا في‬                ‫الترويج ويمارسه باحترافية‪،‬‬
  ‫الأغلبية‪ ،‬فيما ُيستنتج‪ ،‬بيس ٍر‪،‬‬     ‫تحقيقه نجا ًحا مبك ًرا ممتا ًزا؛‬           ‫وأما الشللية‪ ،‬بالمفهموم الفاسد‬
‫من آرائه الذائعة‪ ،‬وقناعاته‪ ،‬بيد‬                                                    ‫للكلمة‪ ،‬فبراءته منها واضحة‬
‫أن معنى الفكرة بدائرته خلاف‬             ‫ف َّض مشكل ًة رام التافهون‬                 ‫كوضوح الشمس؛ ذلك أنه لم‬
                                     ‫إثارتها لإحباطه فخابوا ول َّف‬
   ‫معناها المباشر الذي قد يرد‬                                                                     ‫يستثمر مقام‬
   ‫على الأذهان‪ ،‬معناها بدائرته‬            ‫الإحباط ظلالهم (شائعة‬                                    ‫أبيه السامي‬
                                     ‫صعوده ب ِه َّمة أبيه)‪ ..‬من بين‬                              ‫لصالح مكسب‬

                                        ‫مجموعة المحبين الداعمين‬                                       ‫ضخم أو‬
                                                                                                   ‫ضئيل؛ أفهل‬
                                                                                                   ‫مثله يستثمر‬
                                                                                                    ‫الغرباء ولن‬
                                                                                                  ‫يدانوا أباه أيا‬
                                                                                                 ‫كانوا؟! على كل‬
                                                                                                    ‫حال إن هي‬
                                                                                                   ‫إلا محاولات‬

                                                                                                      ‫للتشويه‪،‬‬
                                                                                                    ‫بأية وسيلة‬
   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225