Page 221 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 221

‫‪219‬‬              ‫ثقافات وفنون‬

                 ‫شخصيات‬

‫هاروكي موراكامي‬  ‫جابرييل جارثيا ماركيز‬                  ‫السيد إمام‬                      ‫«المصدر الدال على‬
                                                                                          ‫إمكانية مواصلة‬
   ‫أنها شديدة القرب له بالرغم‬      ‫في العواصم وتفنى فيه‪ ،‬فرد‬                             ‫السير الذي يعني‬
  ‫من ذلك‪ ،‬بهية الطلعة ولطيفة‬                                                                 ‫أكثر ما يعني‬
                                   ‫على النداء بأنه ذو فؤاد ذائب‬                           ‫سرمدية الخطر‬
     ‫ومعطاءة ومتفتِّحة‪ ،‬تبادله‬                                                           ‫والفزع بملاصقة‬
  ‫جنون الأشواق‪ ،‬وتكون مدده‬         ‫كحديد منصهر؛ فالمسافة‬
‫في جفاف الأيام كمثل ما يكون‬                                                           ‫الكفاح لمواجهتهما»‪،‬‬
   ‫مددها‪ ،‬وتلهو معه على إيقاع‬      ‫المحسوبة هي ما تبقيه حيًّا‪،‬‬                              ‫ذلك الضجيج‬
                                   ‫بكل لظاه‪ ،‬ولعب دور المنفلت‬
             ‫الموسيقى والغناء‪.‬‬                                                          ‫الشهي الماكث فيه‬
  ‫لا يتأ َّتى لكاتب مبدع‪ ،‬لم يبلغ‬  ‫السائب‪ ،‬في الفيلم العاصمي‪،‬‬                              ‫دائ ًما أب ًدا‪ ،‬وقد‬

    ‫الخمسين من عمره بعد‪ ،‬في‬        ‫هو ما يجهز على جرحه النازف‬                           ‫يكون ُك ْنها تخالف‬
‫تتالي هذه الفترات البخيلة التي‬                                                              ‫طبيعته معظم‬
                                   ‫فلا يعود كما كان مهما رام‬                               ‫الجموع؛ فليس‬
   ‫تخلت عن الجميع وأهملتهم‪،‬‬
    ‫لا سيما المشتغلين بالفنون‬      ‫العودة‪ ..‬لديه منطقه الشجاع‬                          ‫بسيط التركيب ولا‬
    ‫والآداب‪ ،‬أن يصنع برديات‬                                                                ‫التفكيك بالمرة!‬
                                   ‫مع ذلك؛ فكم يغطس بداخل‬                                   ‫تعرفه القاهرة‬
  ‫جديدة معجزة كالتي صنعها‬
  ‫طارق إمام‪ ،‬أدبيًّا‪ ،‬في سنواته‬    ‫الليالي الحلوة المرحة بلا أدنى‬                       ‫كما يعرفها‪ ،‬كأنها‬
                                                                             ‫الإسكندرية حبيبته على وجه‬
      ‫الغضة بالذات‪ ،‬بمسافات‬        ‫مبالاة بالتبعات‪ ،‬كمن يصل‬
‫مرحلتيه العشرينية والثلاثينية‪،‬‬                                                 ‫التقريب‪ ،‬لكنها تحرص على‬
                                   ‫الآخرين البعيدين بمفهوم نجدة‬               ‫الوجود في القلب من متنه لا‬
    ‫ومع ذلك قد يتعين عليه أن‬                                                  ‫هامشه‪ ،‬في حي ٍن أنه يحرص‬
   ‫يتحرر من حريته الزائدة في‬       ‫المغامرة‪ ،‬وكم يأنس بوحدته‬
  ‫الكتابة الإبداعية‪ ،‬وقد اخترت‬                          ‫أُ ْن ًسا مشب ًعا‬        ‫على الوجود في القلب من‬
 ‫لفظي بعناية؛ فلم أقل يتخلص‬        ‫أي ًضا‪ ،‬كمن يعلمهم‬   ‫الاستعاضة‬            ‫هامشها لا متنها‪ ،‬ومن رحبة‬
                                     ‫عن ِش َغار الواقع‬                       ‫مكانها الأثير لديه وسط البلد‬

                                   ‫بامتلاء بالخيال‪ ،‬فحينها‪،‬‬                       ‫يمر بمقاهيها وخماراتها‬
                                   ‫وبحرار ٍة فعلية‪ ،‬يستشعر دبيب‬                ‫ومطاعمها ومكتباتها ودور‬
                                                                           ‫نشرها ومكامن التقاء أساطينها‬
                                   ‫حبيبة من لحم ودم تسعى‬                    ‫وعاشقيها والمفتونين بزحامها‬
                                    ‫إليه سعيًا حثيثًا‪ ،‬أو ِجنِّيَّة‪ ،‬لا‬     ‫واختلاط الأجناس فيها وكذلك‬
                                   ‫تنتسب إلى مكانه ولا زمانه إلا‬               ‫العابرين العاديين من جملة‬
                                                                            ‫خلقها الراسخين والمتزعزعين‬
                                                                                ‫والمتثبتين والحائرين كلهم‬
                                                                                ‫أجمعين؛ يمر مرو ًرا يحفظ‬
                                                                             ‫التماسك والمهابة‪ ،‬ولا يتورط‬
                                                                           ‫في المنعطفات المفضية إلى ضياع‬
                                                                           ‫وهلاك منظورين‪ ،‬ولعله يتورط‬
                                                                            ‫واعيًا بعاقبة المآزق فلا يضيع‬
                                                                              ‫ولا يهلك‪ ،‬وقد نودي‪ ،‬مرات‬
                                                                            ‫ومرات‪ ،‬أن يندمج بحيث يفنى‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226