Page 217 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 217

‫‪215‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫رأى‬

                                      ‫بأن ينطلق‬                  ‫ذواتهم في فهمهم وتعاطيهم‬
                                      ‫الشاعر‬                   ‫لتنصيص هذه الإشكالية‪ ،‬حتى‬
                                      ‫أو الأديب‬                ‫على مستوى كبار الفقهاء الذين‬
                                        ‫عمو ًما في‬
                                      ‫تعاطيه لهذه‬                  ‫خاضوا في دقائق متعلقات‬
                                      ‫الموضوعة في‬                   ‫العلاقة الجنسية كما فعل‬
                                      ‫فنه على أن‬                ‫الشيخ النفزاوي في الكثير من‬
                                      ‫الجنس عالم‬                   ‫منتجه الفقهي والاجتماعي‬
                                      ‫من السمو‬                 ‫بد ًءا من كتابه المعروف في هذا‬
                                      ‫ومكمل من‬                   ‫المجال (صيد الخاطر) وليس‬
                                      ‫مكملات‬                   ‫انتهاء بكتابه (عرائس الأيك‪.)..‬‬
                                      ‫عاطفة الحب‬                  ‫إن الاعتراض إذن قائم على‬
                                      ‫التي جبلت‬                  ‫الفعل الجنسي‪ ،‬لا على القول‬
                                      ‫عليها الغريزة‬                ‫الجنسي‪ ،‬في إشارة إلى أن‬
                                      ‫الإنسانية‪،‬‬                ‫للفعل تبعاته التي تختلف عن‬
‫نزار قباني‬                ‫يوسف إدريس‬     ‫كما في‬                     ‫تبعات القول‪ ،‬خاصة وأن‬
                                                                 ‫القول غايته بيانية جمالية في‬
‫تنصيص الجنس عند الأديب‬                ‫قصيدة شتاء ريتا‬          ‫النهاية‪ ،‬ولعل هذا ما فهمه عبد‬
‫أداة مساعدة يستثمرها الشاعر‬               ‫الطويل مث ًل‪.‬‬          ‫الله بن مسعود في مجالسته‬
                                      ‫وأما الاتجاه الثاني فهو‬     ‫لعمر بن أبي ربيعة الذي لم‬
‫(التنصيص التدنيسي للجنس)‪ ،‬في عرض رؤية نصية تتجاوز‬                 ‫تصعد أقواله في النهاية إلى‬
‫الجنسي إلى ما هو أبعد وأعم‬            ‫وذلك بالنظر إلى الجنس‬    ‫مستوى الفعل كما صرح وهو‬
‫بوصفه امتها ًنا لجسد المرأة وأشمل‪ .‬كما هي الحال في‬             ‫على فراش الموت بما يروى أنه‬
‫خاصة‪ ،‬فنجد أن النص الأدبي قصيدة المومس العمياء التي‬              ‫قال «أقسم أنني لم أحل تكة‬
‫يتبلور بوصفه إسقاطات لنظرة تجاوزت رمزيتها الجنسية‬               ‫سروالي على حرام»‪ ،‬فظل أدب‬
‫الجن َس بوصفه غاية إلى وصفه‬        ‫مسبقة عن الجنس بوصفه‬        ‫عمر بن أبي ربيعة فنًّا يدور في‬
‫سلو ًكا مبتذ ًل‪ ،‬وعقوبة ذكورية أداة مساعدة لتجسيد هذه‬           ‫نطاق المقبول‪ ،‬في مجتمع يقبل‬
‫الغاية‪ .‬وهذا ما يصح على‬            ‫يمارسها الرجل على جسد‬         ‫تنصيص الجنس وإن كان لا‬
‫قصيدة شتاء ريتا الطويل التي‬                                     ‫يقبل الممارسة الجنسية إلا في‬
‫لم تشفع لها انطلاقتها الجنسية‬      ‫المرأة‪ ،‬وتأطير رؤية النص‬
                                   ‫بهذه الإسقاطات‪ ،‬كما نجد‬            ‫حدود الشرع والعرف‪.‬‬
‫في قصيدة لارا للبياتي وفي في أن تكون قصيدة جنس‬                     ‫ولو عدنا إلى طبيعة تعاطي‬
‫قصيدة المومس العمياء للسياب خالصة‪ ،‬وإنما كان الجنس فيها‬        ‫الأدب العربي الحديث للظاهرة‬
‫وسيلة تعبيرية وإطا ًرا تمهيد ًّيا‬  ‫والقصيدة المتوحشة لنزار‬        ‫الجنسية في متنه لوجدناها‬
‫للتعبير عن رؤية شعرية تمزج‬              ‫قباني وغيرها كثير‪.‬‬     ‫بالمجمل لا تخرج عن أن تكون‬
‫الوطني المحلي بالإنساني‬
‫الشامل‪ ،‬في صراع بين العقل‬             ‫والاتجاهان السابقان لا‬         ‫خاضعة لأحد الاتجاهين‬
                                   ‫يعنيان أن الجنس هو غاية‬                          ‫الآتيين‪:‬‬
‫والعاطفة لبلورة المأزق الناتج‬      ‫العمل الأدبي عند الشعراء‬
‫على المجمل‪ .‬إذ غالبًا ما يكون عن ظلم الإنسان للإنسان‬            ‫الاتجاه الأول هو (التنصيص‬
                                                                    ‫التقديسي للجنس)‪ ،‬وذلك‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222