Page 219 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 219
217 ثقافات وفنون
شخصيات
المبدع ذا مذاق يجذب متلقيه ب ُم ِض ِّي ال ِح َقب وذا مغا ٍز فنية ويبقى ،هو نفسه ،أكبر الأسباب
مقدار ما يلذعه! تثويرية تغييرية (له الأمنيات في خلق حالته القصصية
والروائية التي كالجوهرة
لا تخلو ساحته من الخصوم الطيبة بطول البقاء ودوام
المباشرين وغير المباشرين، البهاء). النفيسة ،واستمرارها مختلفة
خصوم كأنهم خصوم رجل عن الحالات الأخرى ولامعة،
عمره مائة عام ،هو الذي ُولِد طارق إمام في الثاني عشر ها هو يقول إنه ينتظر الكتابة
في بدايات عقده الأربعيني من أغسطس عام ،1977تعود ولا ينتظر منها شيئًا ،وليس
حاليًا ،ذلك أنه علا مبك ًرا في
أصوله إلى مدينة دمنهور أبلغ مما يقوله عن نفسه
مجاله؛ فقد أثارت رؤاه الأدبية بمحافظة البحيرة ،حصل أي ًضا ممعنًا في وصف علاقته
وحواراته حول ما يكتبه صخبًا على ليسانس الآداب قسم
اللغة الإنجليزية من جامعة اللافتة بالكتابة :أعترف بأن
حمي ًدا أفضى إلى جدل نافع، الإسكندرية ،عمل بالصحافة، سؤال الكتابة يشغلني ،وربما
وتمت ترجمة أعماله إلى لغات واحترف الأدب ،قا ًّصا وروائيًّا، الشكل الأمثل للتفكير في الكتابة
شتَّى ،وتكررت طباعة كتبه، ضمن مواهبه الربانية خط كواقع بالنسبة لي هو جعلها
وسافر بلدا ًنا كثيرة ،بمختلف بديع يميزه بين الأقران ،يرسم
الاتجاهات الجغرافية ،مشار ًكا، الحروف رس ًما ببنط كبير جز ًءا من الكتابة كمتخيّل،
بفاعلية ،في ندوات وأمسيات غالبًا ،وبصور أخاذة آسرة، وبعي ًدا عن نظريات الأدب أحب
ومؤتمرات وجلسات رفيعة لا وهكذا يهدي كتبه للأصدقاء،
تنساها الذاكرة النقية للأدب معها روح صوفية تش ُّع ش ًّعا الكتابة في المسافة العمياء،
والثقافة ،ومثل ذلك مما يثير من وراء التنضيد الحميم ،وقد والهجينية ،والمموهة ،بين كافة
غيظ الحسدة والفشلة بالطبع، يتمنى الرائي الغريب حينئذ لو الحدود :الواقع والخيال ،السرد
ويحفز شهوتهم إلى الانتقام، أنه كان صدي ًقا هو الآخر لينال
ولو بثرثرات النميمة البائسة، واح ًدا من إهداءاته التي تشرح والشعر ،التوثيق والتحريف،
فيقولون تار ًة ،من باب الحط الإيهام الفني وكسر الإيهام.
الصدر! (من هنا يمكن قبض سماته
من شأنه ،هو مراوغ كاذب له وجهان ،واحد َف ِكه يظهر به
المشاعر ،ولا أدري أنا ما على السوشيال ميديا والعوالم الإبداعية ،أو بعضها ،بعد
قراءته جي ًدا طب ًعا ،وقد ُتحس
دخل ذلك بتقييم الإبداع من الافتراضية ،وإن لم تفرغ
الأساس ،ولو كانوا يشككون مساحاته هناك من الآراء المهمة فانتازيته أو كابوسيته،
في الإبداع من خلال التشكيك ومشابهته لأجواء ماركيز
في أخلاق منشئه؛ فهذا خل ٌط والاختيارات المنوعة العبقرية، وكواباتا وموراكامي ،كما لو
متع ِّس ٌف من حيث كونه إقحا ًما وهو موسوعي بالمناسبة، كان النسخة المصرية منهم في
للأخلاق في قضية لا تخصها، توهمات المتوهمين ،لكنه للأمانة
فض ًل عن افتقارهم إلى أدلة ووجه آخر جاد يمارس به عمله أبعد حل ًما وأكثر استقلا ًل) ولو
قطعية ،أو حتى ظنية متواترة، الوظيفي ويقضي مصالحه كان المبدع المدهش بحاجة إلى
أب لمشروعه لكفاه أبوه ،وهو
يعضد بعضها بع ًضا ،تثبت ويزاول إبداعه ،وإن لم يفرغ من هو عل ًما وعق ًل وخبرة
صحة ما يقولونه من الجهة هذا أي ًضا من الملمح الفكاهي.. بالمجالين الأدبي والنقدي
الإنسانية ..عند هذه النقطة لزم قسمات وجهه لا تشي بالشر وبالمجال الثقافي العام وبالحياة
التنويه بسقوط تتبع الناس لما بل الوداعة ،لكنه يملك الشرور ب ِق ِّضها وقضيضها (سيد إمام
يؤذي الناس ،وسقوط بهتانهم امتلاك الأخيار لها ،وهو ملك التنويري الجليل) ،إلا أنه لا
إخوتهم من قبل ،ويقولون تارة كعدم الملك ،الشرور التي تجعل يحتاج إلا إلى نفسه ،بصدق
الإنسان مقاو ًما مكر محيطه، وثقة ،إلى نهاية المشروع الذي
لا ماك ًرا بالمحيط ،وتجعل إبداع يبدو كبي ًرا ومؤ ِّث ًرا في المجتمع