Page 236 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 236

‫العـدد ‪29‬‬                              ‫‪234‬‬

                                       ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬

  ‫تلك الطائرات كمظلات‪ ،‬النجوم‬          ‫أحلامه الغرائبيّة والسحر ّية‪ .‬وهو‬         ‫ويف ّج َر الغضب بداخله‪ ،‬وليس‬
  ‫الصغيرة في أحلامه تتحدث كما‬          ‫خ ٌّط تصاعد ّي ا ْر َتآ ُه الشاعر منذ‬  ‫أصل َح ‪-‬ولو على سبيل حل ٍم‪ -‬من‬
   ‫قطته الناضجة التي بات لديها‬           ‫بداياته‪ ،‬ويسير على هديه بما‬
                                       ‫ِج ّد ٍة وخل ٍق واختلاف‬                    ‫مورجان فريمان لهذه المهمة‪:‬‬
      ‫رغبة كبيرة في البوح‪ ،‬ومن‬            ‫ال ِشعر ّي في سائر‬    ‫أوت َي من‬         ‫«كنا‪ ..‬أنا ومورجان فريمان‪/‬‬
     ‫أحلامه ما تخبره به الحبيبة‬                                 ‫مشروعه‬
  ‫من أ ّنها ستمضي ليلتها في بيت‬                                                      ‫في نفس السيارة القديمة‪/‬‬
     ‫والديها‪ ،‬لا توجد حول البيت‬        ‫مجاميعه التي قيّ َض لي الكتابة‬            ‫المخصصة لنقل الأحلام‪ /‬بين‬
   ‫حديقة‪ ،‬لكنّها تؤ ّكد لحبيبها أ ّنه‬  ‫عنها‪ ،‬وهي ِتبا ًعا‪« :‬كيف تصنع‬              ‫القرى والمدن‪ /.‬كان مورجان‬
 ‫قاد ٌر على إحضارها‪ .‬عند الشاعر‬        ‫كتا ًبا يحقق أعلى مبيعات‪ -‬أكلت‬           ‫يتكلم عن فيلمه الشهير‪« /‬فتاة‬
    ‫ث ّمة كواكب من ثلج‪ ،‬وكواكب‬          ‫ثلاث سمكات وغلبني النوم‪-‬‬                 ‫المليون دولار»‪ /‬بينما أنا أفكر‬
 ‫من ورد‪ ،‬وكواكب من بيتزا‪ ،‬كما‬                                                     ‫في بقعة الضوء فوق حذائي‪/‬‬
    ‫ث ّمة سماء من الفلفل الأحمر‪،‬‬       ‫الحياة السرية للمجنون الأخضر‪-‬‬          ‫بقعة غريبة لا تتحرك أو تتزحزح‬
   ‫وث ّمة حمار عجوز يرتدي قبعة‬                                                    ‫عن مكانها‪ /‬وكأنها التصقت‬
   ‫كاوبوي‪ ،‬ويد ّخن طوال الوقت‪.‬‬         ‫وأحلام مورجان فريمان»‪.‬‬                   ‫بالحذاء‪ /‬حاولت كثي ًرا أن أغيّر‬
     ‫الشاعر لا يتو ّرع عن تشبيه‬                                                 ‫مكاني ‪-‬في السيارة‪ -‬من مقعد‬
      ‫العسل بالعجوز‪ ،‬والأكتاف‬          ‫من استعارات الشاعر‬                       ‫إلى آخر‪ /‬حاولت‪ ..‬ولكن بدون‬
  ‫العريضة بحاملات طائرات‪ ،‬إ َّن ُه‬           ‫الحلم ّية‬                          ‫جدوى‪ /‬وظل مورجان يتابعني‬
 ‫يحلم دائ ًما‪ :‬يحلم وهو في العمل‪،‬‬                                               ‫غاضبًا بعينيه‪ /‬بينما البقعة في‬
  ‫يحلم وهو يقود السيارة‪ ،‬يحلم‬          ‫ك ّل شي ٍء يضيء في هذا الديوان‪،‬‬
‫وهو يح ّطم سيارة جارته؛ لأ َّن ك ّل‬        ‫الأحاسيس الرماد ّية تضيء‪،‬‬               ‫مكانها ترفض أن تغادر‪ /‬لا‬
 ‫شي ٍء ممكن في أحلامه‪ ،‬حتّى أ ّنه‬                                                ‫أتذكر متى وصلنا إلى الشارع‬
   ‫يمكن لحبيبته أ ْن ترس َم اسمها‬        ‫النجمة السوداء تضيء‪ ،‬الحذاء‬          ‫الأزرق‪- /‬نسيت أن أقول إننا كنا‬
‫فوق لسانه‪ .‬يقول‪« :‬توجد رسالة‬              ‫يضيء‪ ،‬كما أ َّن الذئا َب تبيض‪،‬‬       ‫في طريقنا إلى الشارع الأزرق‪/-‬‬
 ‫مغلقة‪ /‬في مكان ما‪ /‬ولن أبحث‬            ‫والسيارة مصنوعة بالكامل من‬
     ‫عنها‪ /‬أعرف أن الأحلام‪ /‬لا‬          ‫خشب الأبنوس‪ ،‬وتصل أحلامه‬                     ‫أتذكر أن مورجان سبقني‬
                                       ‫ذروتها عندما يخبرنا أ َّن سيارته‬         ‫واخترق قلب الزحام‪ /‬بينما أنا‬
                        ‫تدوم»‪.‬‬           ‫الفيراري نصفها من بسكويت‪،‬‬               ‫بقيت أراقب بقعة الضوء فوق‬
‫ويرى الشاعر أ ّن الاستما َع‬
 ‫إلى أغنيات عبادي الجوهر‬                     ‫ونصفها الآخر من عصائر‬                ‫حذائي‪ /‬وأبتسم‪ ..‬في خبث»‪.‬‬
 ‫لا يحتاج إلى مقبلات؛ لأ َّن‬           ‫مج ّففة‪ .‬وفي أحلامه سكان المدينة‬
                                       ‫الساحليّة يمتلكون طائرات ورقيّة‬         ‫أحلام عصام أبو زيد أو‬
  ‫أغانيه بالنسبة إليه وجبة‬                                                       ‫استعاراته الحلم ّية‬
 ‫دسمة‪ ،‬كما أ َّن قطته تح ّب‬                 ‫كبيرة‪ ،‬ويستخدمون أجنحة‬
                                                                                  ‫يرتكب الشاعر قصيدة تأ ّمليّة‬
     ‫أ ْن تسم َع أغنية ‪fever‬‬                                                        ‫ـ تنتزع من قارئها التأ ّمل‪،‬‬
 ‫بصوت بيجي لي‪ ،‬تسمعها‬
                                                                              ‫وتصوير ّية‪ ،‬مشهد ّية‪ /‬سورياليّة‬
     ‫وهي تحتضن صورة‬                                                            ‫ـ تتص ّدى لطر ِح الحكاية بطريق ٍة‬
 ‫لسمكة كبيرة‪ ،‬وأ ّنه عندما‬
‫كان صغي ًرا كانت المجموعة‬                                                        ‫فيها من ال ِشع ِر ما فيها‪ ،‬وفيها‬
                                                                                 ‫من الجنون المُبتكر ما فيها‪ ،‬إ ْذ‬
      ‫الشمسيّة لا تزيد عن‬
   ‫كوكبين‪ ،‬وكانت الأمطار‬                                                            ‫يطلق ال ِعنان لحصا ِن خياله‬
    ‫تسقط إلى أعلى‪ .‬الشاعر‬                                                      ‫المتقد في اِجتراح أحلا ٍم على شك ِل‬
                                                                               ‫متاها ٍت‪ ،‬بحيث تفضي ك ّل متاه ٍة‬
                                                                               ‫إلى أخرى‪ ،‬وتتوالى بذلك سلسلة‬

                                       ‫عصام أبو زيد‬
   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241