Page 237 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 237

‫‪235‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

‫يسرد حل ًما آخر‪ ،‬هي تسأل‪ ،‬وهو‬                ‫نحن هنا أمام اِشتغا ٍل ِشعر ٍّي‬               ‫يطلب من ُملهمته أ ْن تعم َل في‬
  ‫يجيب‪ .‬يقول‪« :‬ماذا تفعلي َن عند‬            ‫ُمختل ٍف‪ ،‬يستحل ُب اللا مألوف‪،‬‬                 ‫حديقة أحلامه كأخصائيّة في‬
   ‫بائ ِع ملاب ٍس الغطس؟‪ /‬النجو ُم‬          ‫يستنطق ُه‪ ،‬ويستشعر ُه‪َ ،‬ب َل َغ فيه‬             ‫عواطف الزهور‪ ،‬ولأ َّن زهرة‬
                                             ‫التجريب المفتوح على التخييل‬                     ‫السوسن تحدي ًدا تنمو فوق‬
‫الصغير ُة في قا ِع المحي ِط‪ /‬لا ترغ ُب‬   ‫والأمداء والأسئلة ذروته ومنتهاه‪،‬‬                   ‫كتفها‪ ،‬فهي المر ّشحة المثالية‬
    ‫في الحدي ِث معك‪ /‬والأخطبوط‬            ‫إ َّن ُه التجريب العجائب ّي الذي ُي َعلّ ُم‬     ‫لمنصب رئي ّس مجلس الإدارة‪.‬‬
   ‫الأرع ُن ‪-‬قات ُل أبيه وأمه‪ /-‬لن‬          ‫على القارئ‪ ،‬فيتشارك بمحض‬                   ‫يقول‪« :‬شفتاي اليوم في الصيانة‪،‬‬
     ‫يعو َد إليك‪ /‬أن ِت أح ُد أسبا ِب‬                                                     ‫ولا يمكنني الآن تقبيلك»‪ ،‬لكنّه‬
                                               ‫إرادته مع الشاعر في عملية‬                ‫يقترح عليها أ ْن تذه َب أو ًل لمتجر‬
 ‫الش ِّر‪ /‬في عال ِم الأعماق»‪ .‬ويقول‬       ‫ال ِشعر الإبداعيّة‪ ،‬ويضط ُر بالتالي‬              ‫الألعاب النار ّية؛ لتشتري منه‬
 ‫أي ًضا‪« :‬اتصلت عليك لكن البيانو‬                                                        ‫قنبلة صوتية‪ ،‬ويقترح من ث ّم أ ّن‬
                                               ‫لإشغا ِل ذهنه مع مقترحاته‬                 ‫تذه َب إلى متجر التوابل؛ لتنتز َع‬
     ‫كان مغل ًقا‪ ،‬كلمتني الموسيقى‬          ‫الجماليّة والأسلوبيّة وال ِشعر ّية‪،‬‬            ‫باب المتجر الساخن‪ ،‬ث ّم يقترح‬
   ‫وقالت إ ّنك مشغولة‪ ،‬وأخبرني‬             ‫وبذلك نكون أمام تجري ٍب خ ّل ٍق‬               ‫عليها أخي ًرا أ ْن تذه َب إلى متجر‬
                                                                                          ‫الاسطوانات القديمة؛ لتشتري‬
          ‫الماء أ َّن البي َت مهجور»‪.‬‬         ‫ينأى بأدواته ومقترحاته عن‬                 ‫أغنية لجوني كاش‪ ،‬إلى أ ْن يطل َب‬
                                          ‫استغبا ِء القارئ والتغريب المقيت‬              ‫منها في النهاي ِة أ ْن تطح َن الجميع‬
‫ختا ًما‪ ..‬ال ِشعر النصيحة‬                ‫والصنميّة والاستعلاء أو الانتفاخ‬                 ‫بين ورقتين‪ ،‬وأ ْن تحر َص على‬
                                                                                            ‫إضافة القليل من ماء الورد‪،‬‬
   ‫مثيرات أو دوافع أحلام عصام‬               ‫البالون ّي‪ .‬لا عناوين فرعيّة‪ ،‬أو‬           ‫وعصير التوت‪ ،‬والعنب‪ ،‬لتحص َل‬
‫أبو زيد سيكولوجيا يقينًا‪ ،‬تترجم‬              ‫داخليّة بين دفتي الديوان‪ ،‬هل‬              ‫في المُجتبى على المزيج المثال ّي لنكهة‬
                                             ‫للأحلام عناوين؟! ر ّبما‪ ،‬لكنّها‬
   ‫رغبته الدفينة في ِكتاب ِة ال ِشعر‪،‬‬                                                                          ‫شفتيه‪.‬‬
  ‫فيتنفسها خلال النو ِم على شك ِل‬               ‫هنا ليست سوى مقتطفات‬
                                           ‫بدون عناوين‪ ،‬مقتطفات حلميّة‪،‬‬                 ‫التجريب أو المقترحات‬
    ‫أحلا ٍم ُمبهر ٍة‪ ،‬أ ّما فيما يخ ُّص‬   ‫مصبوبة أحيا ًنا‪ ،‬ومجتزأة أحيا ًنا‬                ‫الجمال ّية لل ِشعر‬
    ‫المثيرات الفسيولوجية‪ ،‬فليس‬
   ‫أمامنا إ ّل أ ْن ننص َحه ‪-‬وال ِشعر‬           ‫أخرى‪ ،‬اكتفى فيها الشاعر‬                 ‫يدرك الشاعر جيّ ًدا أ َّن الاشتغا َل‬
    ‫النصيحة‪ ،-‬بعد ِم تناول ِه قبيل‬           ‫بالعنوان الرئيس على الغلاف‪.‬‬                   ‫ال ِشعر ّي لم يعد مقتص ًرا على‬
  ‫النو ِم عشا ًء ِشعر ًّيا لا يغني ولا‬      ‫الأحلام فقرات هذه المجموعة‪،‬‬
  ‫يسمن من إبدا ٍع‪ ،‬ويعجز بالتالي‬                                                       ‫تدبيج قصيد ٍة سليم ٍة من الناحي ِة‬
  ‫جهاز شِعره الهضم ّي عن تمثله‬                    ‫وهيكلها ال ِشعر ّي‪ ،‬التتر‪،‬‬            ‫الّلغو ّية‪ ،‬وتحكي حكاية‪ ،‬وبالتالي‬
                                          ‫والموسيقى التصوير ّية المُصا ِحبة‬             ‫تأثيث فضائها العا ّم بالبديع من‬
                    ‫‪-----------‬‬            ‫للإيقاع المفرداتي وال ُج َمليّ‪ ،‬عبر‬
 ‫‪ -‬أحلام مورجان فريمان‪ ،‬عصام أبو‬         ‫سكب لوحات‪ ،‬أو رسائل ِشعر ّية‪،‬‬                    ‫التراكيب والتوريات والصور‪،‬‬
                                           ‫ِحوار ّية‪ ،‬مونولوغية‪ ،‬استعادية‪،‬‬
   ‫زيد‪ ،‬الطبعة الأولى ‪ ،2017‬مؤسسة‬
                      ‫بتانة‪ -‬القاهرة‪.‬‬       ‫بين ذاتين ساردتين‪ ،‬عبثيتين‪،‬‬
                                             ‫وحلميتين‪ ،‬يتحكم بهما الذات‬
                                           ‫الشاعرة‪ :‬هي تسرد حل ًما‪ ،‬وهو‬
   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242