Page 105 - b
P. 105

‫الرأي الثاني‪ :‬من المصدر نفسه‪ ،‬يقول إن هناك كلمة ناقصة‬
‫أو مضمرة في نهاية قوله تعالى (وإ َّنا ل ُه لحاف ُظون) وهي (عندنا)‪،‬‬
‫“وحدثني الحسن‪ ،‬قال‪ :‬ثنا شبابة‪ ،‬قال‪ :‬ثنا ورقاء‪ ،‬وحدثني المثنى‪،‬‬
‫قال‪ :‬ثنا أبو حذيفة قال‪ :‬ثنا شبل‪ ،‬عن ابن أبي نجيح‪ ،‬عن مجاهد‪،‬‬
‫في قوله ( َوإِ َّنا َل ُه َل َحا ِف ُظو َن) قال‪ :‬عندنا”‪ ،‬أي أن الله يحفظ القرآن‬
‫عنده‪ ،‬وبالتالي ُيفهم أنه لا يوجد هذا الضمان من الله بألا يتم التدخل‬
‫في القرآن‪ .‬لكن الرأي الثالث يذهب أبعد ويقول إن الهاء في (له) لا‬
‫تعود على القرآن‪ ،‬بل على النبي‪ ،‬ففي المصدر نفسه‪« :‬عن قتادة (وإنا‬
‫ل ُه لحاف ُظون) قال‪ :‬وقيل‪ :‬الهاء من ذكر محمد‪ ،‬بمعنى‪ :‬وإنا لمحمد‬
‫حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه»‪ .‬وهذا يعني أن وعد الله بحفظ‬

  ‫القرآن من التحريف على الأرض ليس متف ًقا عليه بين الشارحين‪.‬‬
‫التفسير الشائع للآية السابقة مؤيد من تفسير شائع أي ًضا للآية‬
‫رقم (‪ )42‬من سورة ( ُفصلت) التي تقول‪« :‬لا يأتيه الباطل من بين‬
‫يديه ولا من خلفه»‪ ،‬الشائع في تفسير هذه الآية من القرطبي أي ًضا‪:‬‬
‫«قال السدي وقتادة‪ :‬لا يأتيه الباطل يعني الشيطان من بين يديه‬
‫ولا من خلفه لا يستطيع أن يغير ولا يزيد ولا ينقص»‪ ،‬لكن‪ :‬كيف‬
‫يأتي الشيطان للقرآن من بين يديه أو من خلفه؟ يدا َم ْن وخلف َم ْن‬
‫المقصودتان في الآية؟ الإجابة عند ابن عباس‪« :‬وعن ابن عباس‪ :‬من‬
‫بين يديه من الله تعالى‪ :‬ولا من خلفه يريد من (جبريل) ‪-‬صلى الله‬

               ‫عليه وسلم‪ ،-‬ولا من محمد صلى الله عليه وسلم»‪.‬‬
‫طب ًعا الحديث هنا عن القرآن الكريم‪ ،‬لأن الآية السابقة‪ ،‬رقم (‪)41‬‬
‫تقول‪« :‬إن الذين كف ُروا بالذكر لمَّا جاء ُهم وإن ُه لكتا ٌب عزي ٌز»‪ ،‬وقلنا في‬
‫التفسير السابق إن الذكر هو القرآن‪ ،‬وهذا يعني أن ابن عباس يقول‬
‫في تفسير آية (لا يأتيه الباطل) إن القرآن لا يأتيه الباطل من بين‬
‫يدي الله‪ ،‬ولا من (جبريل) ومحمد‪ ،‬وهذا تفسير ليس مستسا ًغا في‬
‫رأيي‪ ،‬إذ كيف سيأتي الباطل ‪-‬أي التكذيب حسب القرطبي‪ -‬للقرآن‬

                             ‫‪105‬‬
   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110