Page 104 - b
P. 104

‫الكنيسة من بين عشرات الأناجيل‪ ،‬وهي تختلف أكثر مما تتفق‪ ،‬لأن‬
                 ‫كل منها يتناول السيد المسيح من جانب مختلف‪.‬‬

‫وفي هذا الفصل سأتوقف عند بعض الإشكاليات التي تثار حول‬
‫القرآن الكريم بشكله الحالي الذي نعرفه‪ ،‬إشكاليات موجودة في‬
‫الكتب الإسلامية العمد نفسها‪ ،‬التفاسير وكتب الأحاديث‪ ،‬وتف ِّرق‬
‫بين «القرآن» و»المصحف»‪ ،‬باعتبار القرآن هو هذا الكتاب الذي‬
‫نعرفه ويساوون بينه وبين التنزيل‪ ،‬تي ُّقنًا من أن كل ما نزل على‬
‫النبي محمد موجود في القرآن بالضرورة‪ .‬بينما المصحف هو الملف‬
‫الذي يضم الصحف التي كتبت عليها الآيات‪ ،‬وحيث إنه من المفترض‬
‫ألا يكون ثمة فرق بين الاثنين لأن الصحف كتبت بنا ًء على ما أملاه‬
‫النبي الذي تلقى الوحي وراجعه بنفسه‪ ،‬إلا أن المسلمين الأوائل‬
‫‪-‬والمتأخرين كذلك‪ -‬يف ِّرقون بينهما‪ ،‬لقول القاضي عيَّاض «إن من‬
‫أنكر القرآن (أو) المصحف أو سبَّ ُه َما أو ش َّك في حرف منه فهو‬
‫كافر»‪ ،‬وهو كما هو واضح يتعامل معهما كمثنى‪ ،‬ككيانين مختلفين!‬

                   ‫وعد الله بالحفظ‬
‫الآية رقم (‪ )9‬من سورة (الحجر) تقول‪« :‬إِ َّنا َن ْح ُن َن َّز ْل َنا ال ِّذ ْك َر‬
‫َوإِ َّنا َل ُه َل َحا ِف ُظو َن»‪ ،‬والتفسير الشائع للآية أن الله تعالى أنزل القرآن‬
‫الكريم على نبيه محمد (ص) وتعهد بحفظه‪ ،‬ففي اللغة ‪-‬حسب‬
‫قاموس المعاني‪ :-‬ال ِّذكر الحكيم أي القرآن الكريم‪ .‬و(الحفظ) بمعنى‬
‫عدم ضياعه وعدم تحريفه م ًعا‪ ،‬لكن هذا التفسير الشائع ليس وحي ًدا‪،‬‬
‫فثمة آراء أخرى في تفسير الطبري‪ ،‬ففي المعنى السابق ورد‪« :‬يقول‬
‫تعالى ذكره‪( :‬إ َّنا نح ُن نزلنا الذكر) وهو القرآن (وإ َّنا ل ُه لحاف ُظون)‬
‫قال‪ :‬وإ َّنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه‪ ،‬أو‬
‫ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه‪ ،‬والهاء في قوله‪:‬‬

                                          ‫(ل ُه) من ذكر الذكر»‪.‬‬

                            ‫‪104‬‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109