Page 99 - b
P. 99

‫يأتيه (الوحي) في صورة رجل فيكلمه‪ ،‬والرجل يكون على صورة‬
‫الصحابي دحية الكلبي (‪30‬ق‪.‬هـ‪50 -‬هـ)‪ ،‬وهو صحابي من بني‬
‫كلب في دومة الجندل‪ ،‬من السابقين الأولين للإسلام‪ ،‬وقد هاجر إلى‬
‫المدينة وشهد أُ ُح ًدا وما بعدها‪ ،‬ويروى «عن عائشة رضي الله عنها‪،‬‬
‫قالت‪ :‬لما رجع النبي يوم الخندق بينا هو عندي إذ دق الباب فارتاع‬
‫لذلك رسول الله ووثب وثبة منكرة وخرج‪ ،‬فخرجت في أثره‪ ،‬فإذا‬
‫رجل على دابة والنبي متكئ على معرفة الدابة يكلمه‪ ،‬فرجعت‪ ،‬فلما‬
‫دخل قلت‪ :‬من ذلك الرجل الذي كنت تكلمه؟ قال‪ :‬ورأيتيه؟ قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬بمن تشبهينه؟ قلت‪ :‬بدحية بن خليفة الكلبي‪ ،‬قال‪ :‬ذاك (جبريل)‬

                            ‫أمرني أن أمضى إلى بني قريظة»(‪.)12‬‬
‫من الحديث نفسه لا أستوعب لماذا تسأل السيدة عائشة عمن‬
‫يكون الرجل وهي تعرف أنه دحية‪ ،‬أو ُشبِّه لها‪ ،‬خاصة أن بقية‬
‫الأحاديث التي تتحدث عن ظهور (جبريل) على صورته؛ تؤكد أن‬
‫الصحابة يكونون متأكدين من أنه دحية حتى يقول لهم النبي إنه‬
‫(جبريل)‪ .‬ومن ذلك ما ذكره ابن هشام في السيرة النبوية (ج ‪،3‬‬
‫ص‪“ :)716‬ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه‬
‫بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة‪ ،‬فقال‪ :‬هل مر بكم أحد؟‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي‪ ،‬على بغلة‬
‫بيضاء عليها رحالة‪ ،‬عليها قطيفة ديباج‪ .‬فقال رسول الله (ص)‪ :‬ذلك‬
‫(جبريل)‪ُ ،‬ب ِع َث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم‪ ،‬ويقذف الرعب‬

                                                   ‫في قلوبهم»‪.‬‬
‫ومنه ما رواه النسائي عن السيدة عائشة نفسها‪« :‬يا رسول‬
‫الله ما بالك تطيل الوقوف مع دحية الكلبي؟ وما بالك تأذن له في‬
‫كل وقت ولا تحجبه ولا تمنعه في أي وقت يدخل؟ (‪ )...‬فقال النبي‪:‬‬
‫أو رأيتيه؟ قالت‪ :‬نعم يا رسول الله‪ ،‬غير أني رأيت منه عجبًا اليوم؟‬
‫قال‪ :‬وما ذاك يا عائشة؟ فقالت‪ :‬كان يلبس ُبر ًدا أبي َض‪ ،‬ووشا ًحا‬

                              ‫‪99‬‬
   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104