Page 95 - b
P. 95

‫(‪ 16‬ق‪.‬هـ‪78 -‬هـ)‪ ،‬كان عمره ‪ 26‬عاما حين توفي النبي وروى عن‬
‫كثيرين‪ ،‬وكثيرون رووا عنه‪ ،‬أما أبو ميسرة الهمزاني (ت‪63 :‬هـ)‬
‫فهو محدث من الطبقة الأولى من التابعين‪ ،‬مرتبته عند ابن حجر‬

                             ‫(ثقة)‪ ،‬ومرتبته عنذ الذهبي (حجة)‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن افتراض صحة رواياتهم تشكك في حدوث قصة الغار‬
‫كلها‪ ،‬وافتراض عدم صحتها يدل على خطأ في إحكام كتب الأحاديث‬
‫التي ذكرتها‪ ،‬وبالتالي نقف موقف الشك من كل الروايات! خاصة أننا‬

           ‫بإزاء حدث جلل فار ٍق لا ُيتصور نشوء اختلاف حوله‪.‬‬

                  ‫طرق نزول الوحي‬
‫في تتبعنا للطريقة التي نزلت بها الكتب (السماوية) على (الأنبياء)‪،‬‬
‫رأينا أن موسى التقى الرب بذاته وتحدث إليه عد ًدا من المرات وسلمه‬
‫بنفسه لوحين من حجر عليهما بداية التوراة‪ ،‬بل وقرأها بذاته على‬
‫بني إسرائيل‪ ،‬وأن عيسى هو ابن الرب أو أحد تجلياته‪ ،‬بينما نزل‬
‫الوحي على محمد بواسطة (جبريل)‪ ،‬وإذا تجاوزنا عن هذا التفاوت‬
‫في المرتبة‪ ،‬فإن ما يدهش في السردية الإسلامية أن النبي لم يلت ِق‬
‫(جبريل) على صورته إلا مرتين‪ :‬الأولى في غار حراء‪ ،‬وقد توقفت عند‬
‫الخلاف فيما إن ظهر على صورة ملاك أو إنسان‪ ،‬وإن ظهر صراحة‬
‫أم في رؤيا‪ ..‬والثانية كانت عند سدرة المنتهى لقوله تعالى‪« :‬ولقد‬
‫رآه نزلة أخرى‪ ،‬عند سدرة المنتهى» (النجم‪ ،)14 ،13 :‬فيقول ابن‬
‫كثير في تفسير الآيتين‪« :‬هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله‬
‫(ص) فيها (جبريل) على صورته التي خلقه الله عليها‪ ،‬وكانت ليلة‬
‫الإسراء»‪ .‬وفي صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار باب المعراج‬
‫(حديث رقم‪ :)3887 :‬عن‌مالك بن صعصعة رضي الله عنهما‪ :‬أن‬
‫نبي الله (ص) حدثهم عن ليلة أسري به‪ :‬بينما أنا في الحطيم‪ ،‬وربما‬
‫قال في الحجر‪ ،‬مضطج ًعا‪ ،‬إذ أتاني آت فقد‪ )...( ،‬ثم حشي ثم أتيت‬

                              ‫‪95‬‬
   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100