Page 90 - b
P. 90
في يوم عرفة المصادف يوم الجمعة في رأي أهل السنة ،ونزلت في
عيد الغدير في رأي الشيعة ،حيث قرأ الرسول «اليوم أكملت لكم
دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» (المائدة:
،)3ويقول ابن كثير في تفسير الآية« :قال علي بن أبي طلحة ،عن ابن
عباس قوله( :اليوم أكملت لكم دينكم) وهو الإسلام ،أخبر الله نبيه
(ص) والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان ،فلا يحتاجون إلى زيادة أب ًدا،
وقد أتمه الله فلا ينقصه أب ًدا ،وقد رضيه الله فلا يسخطه أب ًدا» .وقال
إن النبي مات بعد هذا اليوم بواحد وثمانين يو ًما.
نحن -إذن -أمام سردية ناصعة واضحة مكتملة ،لها بداية ،هي
تلقي النبي أول خمس آيات من سورة القلم في غار حراء في رمضان،
وتلقيه الآية الأخيرة كما ذكرت ،لكن ثمة تفاصل في هذه السردية عن
الطريقة التي تلقى بها النبي آيات الكتاب ،من داخل السردية نفسها.
فكيف نزل (جبريل) للنبي في المرة الأولى؟ نحن أمام روايتين:
الرواية الأولى وردت في حديث (صحيح البخاري ،كتاب بدء
الوحي ،باب بدء الوحي ،ج ،1ص ،)4يقول« :حدثنا يحيى بن بكير
قال :حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب ،عن عروة بن الزبير عن
عائشة أم المؤمنين أنها قالت ...« :حتى جاءه الحق وهو في غار حراء
فجاءه الملك ،فقال :اقرأ .قال :ما أنا بقارئ .قال :فأخذني فغطني حتى
بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال :اقرأ .قلت :ما أنا بقارئ .فأخذني
فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال :اقرأ .فقلت:
ما أنا بقارئ .فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال :اقرأ باسم
ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم ..فرجع بها
رسول الله (ص) يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي
الله عنها فقال :زملوني زملوني ،فزملوه حتى ذهب عنه الروع ،فقال
لخديجة وأخبرها الخبر ،لقد خشيت على نفسي ،فقالت خديجة :ك َّل
والله ما يخزيك الله أب ًدا إنك لتصل الرحم ( )...فانطلقت به خديجة
90