Page 91 - b
P. 91
حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة
وكان امرأً قد تن َّصر في الجاهلية ( ،)...ثم لم ينشب ورقة أن توفي
وفتر الوحي».
هذه الرواية تقول إن (جبريل) نزل على النبي في الغار بنفسه،
فرغم أن السيدة عائشة قدمت للحديث بأن النبي كان يرى رؤى
صادقة إلا أنها لم تذكر أن (جبريل) جاء للنبي في رؤية ،بل يفهم
من حديثها أن الرؤى كانت مقدمة لمجيء (جبريل) بنفسه ،ويقول
كثيرون من الشارحين -منهم د.عبد السلام المجيدي أستاذ القراءات
وعلوم القرآن بجامعة قطر -إن النبي رأى (جبريل) في هيئته
الحقيقية التي خلقه الله عليها مرتين ،إحداهما عندما نزل في غار
حراء والأخرى عند سدرة المنتهى ..ويضيف أنه «كان في هيئة إنسان
عندما قال له اقرأ فقال له النبي ما أنا بقارئ».
وبالطبع ليس مفهو ًما التناقض -في الجملة نفسها -بين أن
(جبريل) «كان على صورته الحقيقية» ،و»كان في هيئة إنسان» ،دون
أن ينتبه أحد إلى أن ثمة عوا ًرا ،فهل الصورة الحقيقية للملك تشبه
صورة الإنسان؟ بالتأكيد لا ،فقد أورد ُت في الفصل الخاص بخلق
آدم أن الملائكة كانوا يفز ُعون منه ،لأن هيئته -أي آدم -كانت غريبة
بالنسبة لهم ،إذن هل الـ(هاء) في كلمة (صورته) تعود على النبي؟
بمعنى أن (جبريل) نزل على صورة النبي؟ لا أي ًضا ،لأنه يصف
الصورة بـ»الحقيقية» والمقصود صورة (جبريل) التي لا يعرفها
البشر ،وأنه رآه على هذه «الصورة الحقيقية» عند سدرة المنتهى،
وليس معقو ًل أن (جبريل) كان على صورة البشر هناك.
وفي حديث آحر أن جابر بن عبد الله الأنصاري ،قال :وهو يح ِّدث
عن فترة الوحي :فقال في حديثه (يقصد النبي) :بينا أنا أمشي إذ
سمعت صو ًتا من السماء ،فرفعت بصري ،فإذا الملك الذي جاءني
بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ،فرعبت منه ،فرجعت
91