Page 96 - b
P. 96

‫بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض فقال له الجارود‪ :‬هو البراق‬
‫يا أبا حمزة؟ قال أنس‪ :‬نعم يضع خط َو ُه عند أقصى طر ِف ِه‪ ،‬فحملت‬
‫عليه‪ ،‬فانطلق بي (جبريل) حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح‪ »..‬إلخ‪،‬‬
‫ولم ُي ْع َرف أنه أملاه قرآنا في الإسراء‪ ،‬هذا‪ ،‬دون أن نشير إلى الخلاف‬
‫بين من يقولون إن الإسراء حدث بالروح فقط‪ ،‬ومن يقولون بالروح‬

                                                     ‫والجسد‪.‬‬
‫فإن لم يكن النبي التقى (جبريل) على صورته إلا مرتين‪ ،‬ولم يأخذ‬
‫فيهما سوى الآيات الخمس الأولى من القلم (حسب الرواية الأكثر‬

 ‫شيو ًعا)‪ ..‬فكيف أخذ بقية آيات القرآن الـ‪ 6236‬بدون البسملات؟‬
‫‪ -1‬ثمة مصادر تقول إن (الرؤى الصادقة) التي كان يراها النبي‬
‫صورة من صور الوحي‪ ،‬كما في رواية ابن هشام السابق ذكرها من‬
‫أن أول الوحي كان رؤية‪ ،‬لكن حديث السيدة عائشة ‪-‬المشار إليه‪-‬‬

          ‫يقول إن الرؤى (مقدمات) للوحي‪ ،‬وليست الوحي ذاته‪.‬‬
‫‪ -2‬صلصلة الجرس‪“ :‬عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل‬
‫رسول الله فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله‪:‬‬
‫أحيا ًنا يأتيني مثل صلصلة الجرس‪ ،‬وهو أش ُّد ُه عليَّ‪ ،‬فيفصم عني‬
‫وقد وعيت عنه ما قال‪ ،‬وأحيا ًنا يتمثل لي الملك رج ًل فيكلمني فأعي‬
‫ما يقول‪ .‬قالت عائشة‪ :‬ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد‬

                 ‫البرد‪ ،‬فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا»(‪.)10‬‬
‫وذكر السيوطي في «الإتقان» كيفية الوحي بقوله‪« :‬وذكر العلماء‬

                                               ‫للوحي كيفيات‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس‪ ،‬كما في الصحيح‬
‫وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمر‪ ،‬سألت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬هل تحس بالوحي فقال‪« :‬أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك‪،‬‬
‫فما من مرة يوحى إل َّي إلا ظننت أن نفسي ُتقبض»‪ .‬قال الخطابي‪:‬‬
‫والمراد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يبين له أول ما يسمعه حتى‬

                            ‫‪96‬‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101