Page 94 - b
P. 94

‫‪ -‬روى الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال‪ :‬سألت جابر‬
            ‫بن عبد الله أي القرآن أنزل قبل؟ قال‪ :‬يا أيها المدثر(‪.)8‬‬

‫‪ -‬من يقولون إن “الفاتحة” أول ما نزل‪“ :‬دليلهم على ذلك ما‬
‫رواه البيهقى في الدلائل بسنده عن أبى ميسرة عمرو بن شرحبيل أن‬
‫رسول الله (ص) قال لخديجة‪ :‬إنى إذا خلوت وحدى سمعت نداء فقد‬
‫والله خشيت على نفسى أن يكون هذا أم ًرا‪ .‬قالت‪ :‬معاذ الله ما كان‬
‫الله ليفعل بك‪ ،‬إنك لتؤدى الأمانة‪ ،‬وتصل الرحم‪ ،‬وتصدق الحديث‪،‬‬
‫فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه لها وقالت‪ :‬اذهب مع محمد‬
‫إلى ورقة فانطلقا فق َّصا عليه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا خلوت وحدى سمعت نداء‬
‫خلفي يا محمد يا محمد‪ ،‬فأنطلق هار ًبا فى الأفق‪ ،‬فقال‪ :‬لا تفعل إذا‬
‫أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول‪ .‬ثم ائتنى فأخبرنى‪ .‬فلما خلا ناداه‬
‫يا محمد قل‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد لله رب العالمين‪ ..‬إلخ‬

                                                ‫آخر الفاتحة(‪.)9‬‬
‫(لاحظ في هذا الحديث أن الذي ذهب بمحمد إلى ورقة كان أبا بكر‬
‫وليس خديجة‪ ،‬وأن ذلك لم يكن بعد رؤيته (جبريل) في الغار‪ ،‬وأنه‬
‫كان يسمع من يناديه‪ ..‬وكلها قصص تغزل بطرق مختلفة ‪-‬حسب‬
‫الراوي‪ -‬على (أصل) أن النبي كان يسمع ويرى‪ ،‬وأن ورقة كان‬
‫مرج ًعا! فهل تعدد الروايات يثبت الحكاية الأصلية أم ينفيها؟ هذا‬

                                                  ‫هو السؤال)‬
‫صحيح أن غالبية الدارسين يرجحون رواية السيدة عائشة التي‬
‫تقول إن أول ما نزل «اقرأ باسم ربك الذي خلق»‪ ،‬وهو ترجيح ظني‬
‫بالطبع إذ لا يوجد دليل مادي على أي رواية‪ ،‬لكنني ذكرت الروايات‬

                             ‫الأخرى لأنها تقول معنى من اثنين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬أنه إن صحت الروايات الأخرى‪ ،‬فإن رواية السيدة عائشة‬
‫‪-‬التي يسلم بها الغالبية الكاسحة من المسلمين‪ -‬لم تكن محل اتفاق‬
‫في وقتها‪ ،‬فعل ٌّي بن أبي طالب هو من هو‪ ،‬وجابر بن عبد الله الأنصاري‬

                            ‫‪94‬‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99