Page 100 - b
P. 100
أبي َض ،ونع ًل أبي َض ،وما رأيت دحية قبل ذلك يلبس أبي َض إلا قلي ًل،
فقال النبي :أبشري يا عائشة ،فإنما ذاك (جبريل) كان يخبرني
بأمر ربي ،قل ُت :إنما كان دحية! فقال :أجل ما كان (جبريل) يأتيني
في صورة أحد من البشر إلا في صورة دحية بن خليفة الكلبي».
(صححه الألباني) ورواية دحية هذه تستلزم ألا يجتمع دحية الكلبي
و(جبريل) على صورته م ًعا أب ًدا! فلم يصدف مرة خلال عشرين عا ًما
أن جاء (جبريل) للنبي وصحابته -كما يجيء -وبينهم دحية! وطب ًعا
يستلزم ألا ي َّدعي دحية في بعض المواقف -ولو على سبيل المزاح -أنه
(جبريل)!
ثم إن المتلقي يجب أن يتقبل اندهاش السيدة عائشة من أمر دحية
(هذه المرة) لأنه كان يلبس أبيض ،مع أنها تقول إنه يلبسه أحيا ًنا،
وقلي ًل ،فهل اندهشت في كل مرة من هذا القليل؟
الوحي في السردية الإسلامية -إذن -كلام ظنِّ ٌّي ،يلقى في روع
النبي ،أو يردده بعد صلصلة جرس ،دون مصدر محدد ،أو يتلقاه
عن (جبريل) متنك ًرا في صورة دحية الكلبي ،دون أن تعرف لماذا
يتنكر ،خاصة إذا كان اللقاء بينه وبين النبي فقط؟ هذا طب ًعا غير باب
كتابة هذا الوحي أو حفظه ،وأن النبي لم يجمعه ولم يأمر بجمعه
(رغم أنه كان يراجعه مع (جبريل) بشكل دوري في روايات أخرى)،
وإنما جمع مرتين بعد وفاته في عهدي أبي بكر وعثمان ،وهناك
أحاديث كثيرة خلافية حول الجمع ومشكلاته ،سيكون موضوع
الفصل التالي.
100