Page 87 - b
P. 87

‫يدخل ضمن اهتماماته عرض هذه الآراء بالتفصيل لفعلت‪ ،‬لكن هذا‬
‫لا يدخل ضمن اهتماماتي هنا‪ ،‬بقدر ما أنا مهتم بـ(حقيقة الكتب‬

                             ‫السماوية)‪ ،‬والطرق التي نزلت بها‪.‬‬
‫مبدئيًّا ‪-‬كما ذكرت‪ -‬فإن الثابت لدى المسيحيين أن «يسوع» لم‬
‫يترك كتا ًبا‪ ،‬وأن «كتب النبوات» في العهد القديم يقصد بها (الكتب‬
‫الأربعة الأولى) في كتاب العهد الجديد‪ ،‬والتي ُنسبت إلى كل من متى‬
‫ومرقس ولوقا ويوحنا‪ ،‬وأقول «نسبت» إليهم ‪-‬كما تقول الكتابات‬
‫الدينية والدراسات العلمية الحديثة على السواء‪ -‬لأنه ليس ثابتًا‬
‫قطعيًّا إن كان (الرسل) الأربعة هم من كتبوا كتبهم‪ ،‬بل الراجح‬
‫أنها انتقلت عنهم شفاهيًّا وتم تدوينها لاح ًقا‪ ،‬كما حدث بالنسبة‬
‫للأحاديث النبوية الإسلامية‪ ،‬كما أنها ليست الكتب الوحيدة في هذا‬
‫الشأن‪ ،‬بل هناك كتب كثيرة مشابهة عملت الكنيسة على دراستها‬
‫حتى نهاية القرن الثاني أو الثالث‪ ،‬ثم اعتمدت هذه الكتب الأربعة‬
‫فقط‪ ،‬التي سميت الأناجيل القانونية‪ ،‬واندثرت الكتب الأخرى بفعل‬
‫الإهمال‪ ،‬وأهم الأناجيل التي أهملت‪ ،‬والتي لا يؤمن بها المسيحيون‪،‬‬

                                                 ‫إنجيل برنابا‪.‬‬
‫واختلافات الأناجيل الأربعة القانونية ليست في كلمة أو تفصيلة‬
‫هنا أو هناك‪ ،‬كما بين القراءات في القرآن مث ًل‪ ،‬بل إنها تختلف في‬
‫الموضوع ذاته لدرجة أن اتفاقها يعد استثنا ًء‪ ،‬فعلي سبيل المثال‬
‫«يظهر المسيح في الإنجيل الذي دونه مرقس بمظهر المخلِّص الذي‬
‫جاء ليفدي الإنسان‪ .‬فبدافع محبته الفائقة‪ ،‬ينهمك في أعمال الرحمة؛‬
‫فيسد حاجة الإنسان‪ ،‬ويخفف من أحزانه‪ ،‬ثم يبذل نفسه فدية‬
‫عنه‪ .‬ومن هنا تركيز مرقس على معجزات المسيح أكثر من تركيزه‬
‫على تعاليمه‪ .‬وينتهي هذا الإنجيل إلى الحديث عن نهاية الزمان وما‬
‫سيحدث عند رجوع المسيح ثم يسرد الأحداث المتعلقة بآلام المسيح‬
‫وموته وقيامته وصعوده إلى المجد‪ ،‬ويؤكد على مساندة المسيح‬

                              ‫‪87‬‬
   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92