Page 84 - b
P. 84

‫ليس كذلك في أصولهم)‪.‬‬
‫إذن كان الله‪ -‬الرب موجو ًدا بذاته أمام الشعب اليهودي‪ ،‬يلقي‬
‫وصاياه العشر‪ ،‬وقد صاحب وجود الله وصوته رعود وبروق‬
‫وصوت بوق ودخان يصعد من الجبل‪ ،‬فخاف الناس وطلبوا من‬
‫موسى أن يتكلم هو مع الله لكي لا يموتوا‪ ،‬وكان موسى يطمئنهم‬
‫قائ ًل إن الله جاء بنفسه إليهم‪ ،‬أمام وجوههم‪ ،‬ليمتحنهم ولكي لا‬
‫يخطئوا الإيمان به‪ ،‬ثم اقترب وحده وأخذ من الله باقي الوصايا‬
‫والأسفار‪ ،‬وسلمه الله هذه الوصايا مكتوبة في لوحين حجريين‪.‬‬
‫ورغم أنهما من المقدسات اليهودية فإنه لا دليل على وجودهما الآن‪.‬‬
‫ومسألة (وجود) الله بذاته في الأدبيات اليهودية ليست مستبعدة‬
‫ولا مستغربة‪ ،‬فقد ذكر ُت في فصل سابق أن الله بذاته ظهر لموسى‬
‫فوق الجبل‪ ،‬حين شاهد نا ًرا‪ ،‬وذكر له أنه إله إبراهيم‪ ،‬وكلفه بالذهاب‬
‫إلى مصر لتخليص الشعب اليهودي من العبودية‪ ،‬وإن قيل إن موسى‬

                                       ‫أغمض عينيه من المهابة!‬
‫ولكن على الرغم من القول إن موسى تلقى الأسفار الخمسة‬
‫الأولى عن الله مباشرة‪ ،‬فإن سفر التثنية الإصحاح (‪)8 :5 -34‬‬
‫يذكر وقائع موت موسى‪« :‬فمات هناك موسى عبد الرب في أرض‬
‫مواب حسب قول الرب‪ /‬ودفنه في الجواء في أرض مواب مقابل‬
‫بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم‪ /‬وكان موسى ابن‬
‫مئة وعشرين سنة حين مات ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته‪/‬‬
‫فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات مواب ثلاثين يو ًما فكملت أيام‬
‫بكاء مناحة موسى»‪ ،‬مما يثير الشك في كونها أسفا ًرا إلهية نزلت‬
‫على موسى! فكيف ستنزل عليه وقائع موته ودفنه وحزن أتباعه‬

                                                     ‫وبكائهم؟‬
‫ويبرر موقع الأنبا تكلا(‪ )3‬هذه المفارقة بالقول‪« :‬طبيعي خبر‬
‫موت موسى كتبه يشوع بن نون ‪ .Joshua‬ولكنه لم يوضع في أول‬

                            ‫‪84‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89