Page 79 - b
P. 79
الفصل الخامس
من التوراة إلى القرآن..
كيف نزلت الكتب (السماوية) على الأنبياء
الإبراهيميين؟
في هذا الفصل سأتتبع ،من خلال كتب التراث نفسها ،الأخبار
والروايات الخاصة بالطريقة التي تلقى بها الأنبياء الوحي ،أو بمعنى
أدق :كيف أملى الله -أو يهوه أو ألوهيم أو زيوس أو أ َّبا أو الآب-
كتبه التي كتبها بذاته العليا على الأنبياء البشريين؟ وكيف نقل هؤلاء
الأنبياء تلك الكتب لأتباعهم؟ وما مدى دقة ما بين أيدينا الآن من
كتب (سماوية)؟ أي :هل هذه الكتب الحالية هي النص الأصلي الذي
أملاه الله -لو اتفقنا أنه أملاها بالفعل -أم أن ثمة تحريفات حدثت
عليها؟ والكلام عن (التحريفات) هنا ليست وليدة هذه الكتابة ،بل
إنها موجودة في كتب التراث ،وأظهرها أن (القرآن) يقول إن الكتب
السماوية ُح ِّرفت ..وفي السياق نحاول أن نعرف كم كتا ًبا أنزله الله
على الأنبياء؟ وأين هي تلك الكتب الآن؟
قلت في بداية كتابي -وأثنِّي -إنني لست فقي ًها دينيًّا بقدر ما أنا
قارئ يحاول أن يعرض ما يقرأ على عقله من منظور ثقافي ،لهذا لا
يدخل في اهتمامي القول إن هذا حديث ضعيف وهذا موضوع وهذا
متصل وهذا منفصل ..إلخ ،لأن القاعدة العقلية -الثقافية عندي أن
وجود حديث واحد غير صحيح في أي من كتب الأحاديث يطعن في
(المنهج) الذي بني الكتاب عليه ،وبالتالي لا نقيم وز ًنا للكتاب بالكامل
بكل ما جاء فيه ،لكن؛ أما وأننا نأخذ معظم إيماننا عن كتب الأحاديث،
فلا يستقيم أن ننتقي منها بشكل عشوائي ،إذ لا توجد دراسات
جادة تفصل بين الجيد والرديء من الأحاديث ،بل خب ٌط في أماكن
79