Page 76 - b
P. 76

‫حبيبة بنت أبي سفيان‪ ،‬فلما قد َم َها تن َّصر حتى مات نصرانيًّا‪ ،‬وكان‬
‫يمر على المسلمين ويقول لهم «فتحنا وصأصأتم‪ ،‬أي أبصرنا وأنتم‬

                                              ‫تلتمسون البصر!‬
‫لكن أغرب ما قيل في أمر ورقة (الذي هو مصدر التبليغ بالوحي)‬
‫ما ورد في كتاب «فروع الكافي»(‪“ :)6‬قال‪ :‬لما أراد رسول الله (ص)‬
‫أن يتزوج خديجة بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه‬
‫نفر من قريش حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة فابتدأ أبو‬
‫طالب بالكلام فقال (‪ ،)...‬ثم سكت أبو طالب وتكلم عمها وتلجلج‪،‬‬
‫وق َّصر عن جواب أبي طالب وأدركه القطع والبهر‪ ،‬وكان رج ًل من‬
‫القسيسين‪ ،‬فقالت خديجة مبتدئة‪ :‬يا عماه إنك وإن كنت أولى بنفسي‬
‫مني في الشهود فلست أولى بي من نفسي‪ ،‬قد زوجتك يا محمد‬
‫نفسي‪ ،‬والمهر عليَّ في مالي‪ ،‬فأمر عمك فلينحر ناقة فليولم بها وادخل‬
‫على أهلك»‪ ..‬إلخ‪ ،‬وعلى الرغم من أن مؤلف الكتاب شيعي‪ ،‬فلا أعرف‬
‫أن للشيعة مشكلة مع السيدة خديجة‪ ،‬ولذلك فإن تردد ورقة بن‬
‫نوفل في تزويجها‪ ،‬وهي وليته‪ ،‬لمحمد وهو الصادق الأمين‪ ..‬أمر‬

                ‫يستحق النظر إن كان هو مصدر الإخبار بالوحي‪.‬‬
‫فإذا لم يكن (جبريل) قد ح َّدث النبي حديثًا مباش ًرا عن اصطفائه‬
‫وبعثه نبيًّا إلى قومه في بداية الوحي‪ ،‬فهل أخبره بعد ذلك؟ الإجابة لا‪،‬‬
‫فالأحاديث تقول إن محم ًدا لم ي َر (جبريل) إلا مرتين‪ ،‬إحداهما في غار‬
‫حراء وقت أن أملاه الآيات الخمس‪ ،‬والثانية في سدرة المنتهى وقت‬
‫المعراج‪ ،‬وحديث المعراج مشكوك في صحته أص ًل‪ ،‬فـ»عن عائشة‪ ،‬أن‬
‫الحارث بن هشام سأل رسول الله (ص) فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬كيف‬
‫يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله‪ :‬أحيا ًنا يأتيني مثل صلصلة الجرس‪،‬‬
‫وهو أشده عليَّ‪ ،‬فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال‪ ،‬وأحيا ًنا يتمثل‬
‫لي الملك رج ًل فيكلمني فأعي ما يقول‪ .‬قالت عائشة‪ :‬ولقد رأيته ينزل‬
‫عليه الوحي في اليوم الشديد البرد‪ ،‬فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد‬

                            ‫‪76‬‬
   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81