Page 81 - b
P. 81
لم يكن مغلو ًبا على عقله أن تكون له ساعات؛ ساعة يناجي فيها ربه
عز وجل ،وساعة يحاسب فيها نفسه ،وساعة يفكر فيها في صنع
الله عز وجل ،وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب ،وعلى
العاقل أن لا يكون ظاعنًا إلا لثلاث؛ تزود لمعاد ،أو مرمة لمعاش ،أو
لذة في غير محرم ،وعلى العاقل أن يكون بصي ًرا بزمانه ،مقب ًل على
شأنه ،حاف ًظا للسانه ،ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما
يعنيه .قلت :يا رسول الله! فما كانت صحف موسى عليه السلام؟
قال :كانت عب ًرا كلها ،عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح ،عجبت لمن
أيقن بالنار وهو يضحك ،عجبت لمن أيقن للقدر ثم هو ينصب ،عجبت
لمن رأى الدنيا وتقلبها ثم اطمأن إليها ،عجبت لمن أيقن بالحساب غ ًدا
ثم لا يعمل»( .أخرجه :ال َّطبري في تاريخه ،120 /9وابن حبَّان ،361
عن أبو نعيم في حلية الأولياء )1/166
سيبدو السؤال هنا عن :كيف عرف النبي محمد (ص) هذه
المعلومات بهذه الدقة ،وكيف حفظ الصحائف القديمة؛ سؤا ًل عبثيًّا
(أمام يقين المؤمنين بأن النبي مميَّ ٌز عن البشر العاديين وأنه لا ينطق
عن الهوى) ،وقد ض َّعف بعض الدارسين المحدثين هذا الحديث على
أي حال ،لكن المهم أننا بإزاء عدد ضخم من الأنبياء والرسل والكتب
التي لم تصلنا ،فلم تذكر في القرآن سوى الكتب الثلاثة «نزل عليك
الكتا َب بالح ِّق مص ِّد ًقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل» (آل
عمران :)3 :القرآن «وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا
تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهو ًدا إذ تفيضون فيه» (يونس،)٦١ :
الإنجيل «وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مص ِّد ًقا لما بين يديه من
التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور» (المائدة ،)46 :التوراة «إنا
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور» (المائدة .)44 :لفطة التوراة وردت
صريحة في القرآن ( )18مرة ،والإنجيل ( )12وكانا متلازمتين في
معظم الحالات .بالإضافة إلى الزبور «وآتينا داوود زبورا» (الإسراء:
81