Page 86 - b
P. 86

‫السابق‪ ،‬كونه بشر ًّيا ولد من عذراء من روح الرب‪ ،‬أو إل ًها يع ُّد‬
‫أحد تجليات ثلاثة للإله (الآب والابن والروح القدس)‪ ،‬كونه نبيًّا‬
‫حمل رسالة جديدة للبشرية‪ ،‬أم مصل ًحا يهود ًّيا ب َّشر به التوراة‪.‬‬
‫هذا الاشتباك والتعقد كان ضرور ًّيا أن يمتد إلى كينونة (الإنجيل)‬
‫وطبيعته‪ ،‬فلو أن «يسوع» مخلِّ ًصا يهود ًّيا ما احتاج كتا ًبا جدي ًدا لأنه‬
‫في هذه الحالة سيعمل على إعادة الاعتبار للمفاهيم الأصلية للتوراة‬
‫التي (انحرفت) واحتاجت إلى من يصلحها‪ ،‬وإذا كان إل ًها فالطبيعي‬
‫ألا ُيرسل رسو ًل إلى نفسه‪ ،‬لأن ألوهيته تمكنه من فعل أو قول ما‬
‫يريد دون وسيط‪ ،‬ولو كان نبيًّا لاحتاج إلى رسالة أو كتاب‪ ،‬وثمة‬
‫(إجماع) في العقيدة المسيحية أن «يسو ًعا» لم ُي ْم َل عليه كتاب قام‬
‫بتدوينه وتركه لأتباعه كما حدث مع موسى من قبله‪ ،‬وكما حدث‬
‫مع محمد من بعده‪ .‬بالرغم من أن الإسلام يرى أن الإنجيل من َّز ٌل‬

                                                  ‫من عند الله‪.‬‬
‫في إنجيل متى تأكيد على إلهية المسيح فقد أورد في الإصحاح‬
‫السابع عشر (من ‪ )5 :1‬ما يأتي ن ًّصا‪« :‬وبعد ستة أيام أخذ يسوع‬
‫بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جب ٍل عا ٍل منفردين‪/.‬‬
‫وتغيرت هيئته قدامهم‪ ،‬وأضاء وجهه كالشمس‪ ،‬وصارت ثيابه‬
‫بيضاء كالنور‪ /.‬وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه‪/.‬‬
‫فجعل بطرس يقول ليسوع‪( :‬يا رب‪ ،‬جيد أن نكون ههنا! فإن شئت‬
‫نصنع هنا ثلاث مظال‪ :‬لك واحدة‪ ،‬ولموسى واحدة‪ ،‬ولإيليا واحدة)‪/‬‬
‫وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم‪ ،‬وصوت من السحابة قائ ًل‪:‬‬

             ‫(هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت‪ .‬له اسمعوا)»‪.‬‬
‫مسألة الخلاف حول ألوهية المسيح (الإله الذي يحتاج إلى مظلة‬
‫تقيه من حرارة الشمس!) أو بشريته؛ ليست محل نقاش لدى أتباع‬
‫اليهودية والإسلام فحسب‪ ،‬بل هي محل خلاف بين الطوائف‬
‫المسيحية نفسها‪ ،‬ولولا أن هذا الكتاب ليس لاهوتيًّا‪ ،‬وبالتالي فلا‬

                            ‫‪86‬‬
   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91