Page 88 - b
P. 88

‫لتلاميذه فيما هم ينشرون البشارة في العالم أجمع»(‪ .)4‬وفي المقابل‬
‫يصنف العلماء “لوقا” باعتباره مؤ ِّر ًخا‪ ،‬اهتم في (إنجيله) بالجانب‬
‫التأريخي‪ ،‬ويضعه بعض العلماء في مصاف المؤرخين العظام‪ ،‬بينما‬
‫يرى آخرون أنه لا يصلح أن يكون مؤ ِّر ًخا لأنه د َّون أشياء تخص‬
‫الشياطين والملائكة مما لا يمكن للإنسان العادي رؤيتها أو الجزم‬

                                                    ‫بوجودها‪.‬‬
‫فمثلا «لاحظ باحث العهد الجديد لوك تيموثي جونسون أن‬
‫روايات لوقا للأحداث قد تم اختيارها وتشكيلها بشكل يتناسب مع‬
‫مصالحه التبريرية‪ ،‬وليس في ذلك مواجهة لمعايير التأريخ القديمة‪ ،‬بل‬
‫اتفاق معها(‪ .)5‬مثل هذا الرأي يتفق معه معظم المعلقين مثل ريتشارد‬
‫هيرد الذي يرى أوجه القصور التاريخية لدى لوقا على أنها ناجمة‬
‫عن “الأهداف الخاصة من الكتابة وقصور مصادر المعلومات(‪ .”)6‬في‬
‫حين “يرى مارك باول أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت كتابة التاريخ‬
‫هي نية لوقا من الأساس‪ .‬كتب لوقا ليعلن وليقنع ويفسر‪ ،‬لم يكتب‬
‫للحفاظ على السجلات من أجل الأجيال القادمة‪ .‬ومع إدراك ذلك‪ ،‬كان‬

     ‫هذا بالنسبة للكثيرين المسمار الأخير في نعش لوقا المؤرخ”(‪.)7‬‬
‫الأدلة التي ذكرتها لم تمنع بعض المتدينين من القول إن الإنجيل‬
‫إلهي‪ ،‬وإنه أوحي إلى المسيح من الرب‪ ،‬وتم تناقل أسفاره جي ًل بعد‬
‫جيل حتى تم تدوينه (مع ملاحظة أن القرآن تم جمعه وترتيبه بعد‬
‫وفاة النبي محمد كذلك‪ ،‬كما سأوضحه لاح ًقا)‪ ،‬لكن ما يدحض هذا‬
‫الرأي تلك الاختلافات الكبيرة بين الأناجيل‪ ،‬بما يؤكد أن شخ ًصا‬
‫واح ًدا لم يكتب (الوحي) كام ًل مان ًعا باعتباره كلا ًما مقد ًسا كتبه‬
‫الله بنفسه وأملاه على (نبيه) كما يفترضون‪ ،‬لكن ما يدحضه تما ًما‬
‫أن الأناجيل تناولت ما حدث للمسيح بعد موته من قيامته بعد ثلاثة‬
‫أيام‪ ،‬إضافة إلى تفاصيل الدفن‪ ..‬إلخ‪ ،‬وبالتأكيد فإنه (الرب) لم يم ِل‬

                                 ‫عليه ما (حدث) له (بعد) موته!‬

                            ‫‪88‬‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93