Page 72 - b
P. 72
والمؤمنات جنا ٍت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويك ِّفر عنهم
سيئاتهم وكان ذلك عند الله فو ًزا عظيما ،ويعذب المنافقين والمنافقات
والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء
وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا» (الفتح:
5و ،)6ونزل عليه كتاب من الله بواسطة الملك (جبريل) ،فيه أسس
هذه العقيدة وتعاليمها« :ون َّزلنا عليك الكتاب تبيا ًنا لكل شي ٍء وه ًدى
ورحم ًة وبشرى للمسلمين» (النحل« ،)89 :ن َّزل عليك الكتاب بالحق
مصد ًقا لما بين يديه» (آل عمران ،)3 :وأن هذا الكتاب ُمع ِج ٌز ليس
ككل الكتب“ :وإن كنتم في ري ٍب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسور ٍة من
مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين» (البقرة.)23 :
بل ربما صبغ الإسلام الأنبياء من قبله بتلك الصبغة وأكد عليها،
فقد رأينا أن (يهوه) حين كلم موسى كان يريد إرساله إلى فرعون
ليخلص اليهود من عذابه ،ورأينا أن «يسوع» لم يكن مرس ًل من
الله بل كان هو الله أو ابن الله ،وأنه لم يتنزل عليه كتاب ،وإنما كتب
رسله وتلامذته وصاياه ،كما كان الصحابة يكتبون الأحاديث عن
النبي ،بالرغم من ذلك فإن السردية الإسلامية سحبت هذه الصورة
المُثلى على ما سبقها :الله الواحد (وليس الثلاثة) الذي لا يلد (لا يسوع
ولا غيره) ،يصطفي عب ًدا بشر ًّيا من عباده (حتى لو لم يولد من أب
بشري) ،ويرسله إلى قومه ،ويرسل إليه مل ًكا من عنده (جبريل)
ليملي عليه كتا ًبا يبلغه للناس.
لكن للإجابة عن سؤال :من أخبر محم ًدا بأن (الله) اختاره رسو ًل
لأهله وللعالمين؟ نحتاج أن نرجع إلى الوراء قبل البعثة بسنوات ،كيف
كان محمد قبل البعثة؟ وما مفهومه ومفهوم معاصريه عن النبوة؟
قبل أن نع ِّرج على بداية تلقيه الوحي ،وعلاقته ب(جبريل) الذي
يرسله (الله) إلى الأنبياء ،والكيفية التي كان يتنزل بها الوحي عليه.
تقول الروايات إن محم ًدا كان مختل ًفا عن قومه ،وإنه لم يشاركهم
72