Page 69 - b
P. 69

‫أهلهن وقت الحيض؟ هل كان طبيعيًّا في هذا الزمان أن تترك (فتاة‬
‫عذراء) أهلها لتحيض بعي ًدا عنهم ثم تعود إليهم حين تتطهر؟ أتصور‬

                                                ‫أن الإجابة‪ :‬لا‪.‬‬
‫الجملة الثانية «فتمثل لها بش ًرا سو َّيا»‪ ،‬وهذا يعني ‪-‬خلا ًفا لما‬
‫نعرف‪ -‬أن عيسى جاء نتيجة مواقعة حقيقية بين أمه مريم بنت‬
‫عمران وبين بش ٍر سو ٍّي‪ ،‬أي كامل الاستواء‪ ،‬وليس من مجرد (نفخة)‬
‫غير مرئية‪ ،‬ثمة رجل واقعها إذن‪ ،‬لكنه‪ ،‬وهنا الجملة الثالثة المهمة‪،‬‬
‫(قال) لها «إنما أنا رسول ربك»‪ ،‬فمن أين عرفت أنه رسول ربها؟‬
‫لماذا صدقته؟ النصوص لا تقول‪ ،‬لكنها تعتمد على قدسية الرواية‬
‫التي أنتجت (عيسى) (النبي) الذي يتبعه حوالي ثلث سكان الأرض‬
‫حاليًا‪ .‬لكن الطبري يفسر ذلك بالقول‪« :‬حدثني موسى‪ ،‬قال‪ :‬ثنا‬
‫عمرو‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أسباط‪ ،‬عن السدي‪ ،‬قال‪ :‬فلما ط ُه َر ْت‪ ،‬يعني مريم من‬
‫حيضها‪ ،‬إذا هي برجل معها‪ ،‬وهو قوله (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل‬
‫لها بش ًرا سو َّيا) يقول تعالى ذكره‪ :‬فتشبه لها في صورة آدم ٍّي سو ِّي‬

    ‫الخلق منهم‪ ،‬يعني في صورة رجل من بني آدم معتدل الخلق»‪.‬‬
‫ثمة فروق كثيرة بين الروايتين‪ :‬المسيحية والإسلامية‪ ،‬سأحاول‬

                                                 ‫رصد بعضها‪:‬‬
‫‪ -1‬الرواية المسيحية انبنت على مجموعة من (الأحلام) كما بيَّن ُت‪،‬‬
‫بدأت بحلم يوسف خطيب مريم الذي أصبح زوجها‪ ،‬حين تشكك‬
‫أن خطيبته واقعت رج ًل وحملت منه‪ ،‬فحلم أنها حملت بفعل الروح‬
‫القدس‪ ،‬بينما الرواية الإسلامية لا تذكر الأحلام‪ ،‬ولا تضع فاص ًل‬

                             ‫زمنيًّا ‪-‬أص ًل‪ -‬بي الحمل والولادة!‬
‫‪ -2‬في الرواية الإسلامية ثمة رجل كامل الاستواء تجسد لمريم‬
‫وواقعها‪ ،‬وقال لها إنه رسول ربها‪ ،‬بينما لا تتحدث الرواية المسيحية‬
‫عن مواقعة‪ ،‬وفي المقابل يبدو أن علامات الحمل ظهرت عليها‪ ،‬فتشكك‬
‫خطيبها الذي سيصبح زوجها‪ ..‬إلخ‪ ،‬أي أن ثمة فاص ًل بين الحمل‬

                              ‫‪69‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74