Page 64 - b
P. 64

‫لكن النقطة المهمة في التشابه بين الروايتين‪ ،‬والتي أرمي إليها هنا‪،‬‬
‫هي أن أح ًدا من البشر لم يكن حاض ًرا هذا اللقاء بين الله وموسى بن‬
‫عمران‪ ،‬فأهله في الرواية الإسلامية كانوا بعيدين لأنه تركهم وصعد‬

     ‫الجبل‪ ،‬وبالتالي فإن المصدر الوحيد للرواية هو موسى وحده!‬

          ‫من أبلغ عيسى باصطفائه نب ًّيا؟‬
‫“المسيح في اللغة العبرية ָמ ִ ׁשי ַח تعني (ماشيح) من الفعل مشح‬
‫أي مسح(‪ ،)3‬ومعناها في العهد القديم «الممسوح بالدهن المقدس» الذي‬
‫كان ُيصنع من زيت الزيتون مضا ًفا إليه عد ًدا من الطيوب‪ ،‬وقد‬
‫ظل هذا التقليد حتى أيامنا هذه في المسيحية في سر الميرون؛ وكان‬
‫الشخص أو الشيء الذي مسح يصبح مقد ًسا ومكر ًسا للرب؛ وحصر‬
‫استخدامه للكهنة‪ ،‬الملوك والأنبياء‪ ،‬ولهذا دعوا بـ»مسحاء الرب»‪،‬‬
‫ومفردها مسيح الرب‪ ،‬ويصفهم الله بـ»مسحائي»؛ لكن الوحي‬
‫الإلهي في أسفار العهد القديم يؤكد أن هؤلاء المسحاء جمي ًعا؛ كانوا‬
‫ظ ًّل ورم ًزا للآتي والذي دعي منذ داود فصاع ًدا بـ(المسيح)‪ ،‬وكانوا‬
‫جمي ًعا متعلقين بمسيح المستقبل الذي سيأتي في ملء الزمان‪ ،‬ودعاه‬
‫دانيال النبي «المسيح الرئيس»‪ ،‬و»المسيح» و»قدوس القدوسين»‪،‬‬
‫لأنه سيجمع في شخصه الصفات الثلاث‪ :‬الكاهن والنبي والملك؛ ولا‬
‫تزال الديانة اليهودية تنتظر قدومه‪ ،‬أما المسيحية فتعتبر وعد العهد‬
‫القديم بظهور مخلص لبني إسرائيل قد تحقق بظهور يسوع الذي‬

                              ‫ُصلِب ليخلص البشر من آثامهم»‪.‬‬
‫“يسوع (بالعبرية‪ֵ :‬יׁשּו ַע؛ وبالسريانية‪ :‬ܝܫܘܥ)‪ ،‬ويشار إليه‬
‫أي ًضا بيسوع الناصري‪ ،‬أو المسيح‪ ،‬في النظرة التاريخية هو معلم‬
‫يهودي من الجليل في مقاطعة اليهودية الرومانية‪ُ ،‬ع ِّم َد على يد يوحنا‬
‫المعمدان‪ ،‬تعددت أوصافه بين رجل دين يهودي‪ ،‬وزعيم حركة دينية‪،‬‬
‫وحكيم أو فيلسوف ومصلح اجتماعي‪ ،‬أما في المسيحية فيسوع هو‬

                            ‫‪64‬‬
   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69