Page 62 - b
P. 62

‫فإذا ذهبنا إلى الرواية الإسلامية سنجد أنها وردت في أكثر من‬
‫مكان بالقرآن‪ ،‬منها قوله تعالى في (سورة طه‪ 13 -10 :‬و‪« )24‬إذ‬
‫رأى نا ًرا فقال لأهله امكثوا إني آنست نا ًرا لعلي آتيكم منها بقبس أو‬
‫أجد على النار هدى‪ ،‬فلما أتاها نودي يا موسى‪ ،‬إني أنا ربك فاخلع‬
‫نعليك إنك بالواد المقدس طوى‪ ،‬وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى‪)...( ،‬‬

                              ‫اذهب إلى فرعون إنه طغى (‪.»)24‬‬
‫الروايتان تشتركان في أن الله ح َّدث موسى وأمره بخلع حذائه‬
‫وكلفه ‪-‬مباشر ًة وبنفسه‪ -‬بإرساله إلى فرعون‪ ،‬وإن كان القرآن يركز‬
‫بوضوح على (الاختيار) و(الوحي)‪ ،‬لأنهما الفعلان اللذان ستتركز‬
‫حولهما الدعوة الإسلامية كما سنرى لاح ًقا‪ .‬وفي الروايتين سنعرف‬
‫أن موسى ليس متكل ًما أو يتهته‪ ،‬وأن الله أرسل معه أخاه هارون‪،‬‬
‫وأنه زوده بمعجزات‪ :‬تحويل العصا إلى حية‪ ،‬وعلاج البرص‪ ،‬وشق‬

                                               ‫البحر بالعصا‪..‬‬
‫لكنهما تختلفان في عدة أشياء‪ :‬أنه في الرواية الإسلامية كان‬
‫موسى بصحبة أهله وليس وحده يرعى الغنم كما ُذكر في التوراة‪،‬‬
‫وأن النار كانت حقيقية وليست نا ًرا وهمية يحملها ملاك دون أن‬
‫تحرق شيئًا‪ ،‬وأن الله في الرواية الإسلامية لم يكن متجس ًدا‪ ،‬كان‬
‫صو ًتا فقط‪ ،‬لكنه في الرواية اليهودية كان حاض ًرا بذاته «خاف أن‬
‫ينظر إلى الله»‪ ،‬ينظر إليه تعني أنه كان أمامه‪ ،‬وأخي ًرا فلم يسأل‬
 ‫موسى عن اسم الخالق‪ ،‬لأن الرواية الإسلامية تفترض أنه يعرف‪.‬‬
‫أي ًضا هناك خلاف في اسم حمي موسى‪ ،‬ففي التوراة هو «يثرون»‬
‫كاهن مديان‪ ،‬وفي الإسلام اسمه شعيب‪ ،‬وهناك اختلافات حول من‬
‫يكون‪ ،‬فقيل «هو شعيب رسول الله عليه الصلاة والسلام‪ ،‬وهذا هو‬
‫المشهور عند كثيرين‪ .‬وممن نص على ذلك الحسن البصري ومالك‬
‫بن أنس وجاء مصر ًحا به في حديث ولكن في إسناده نظر‪ .‬وقيل إن‬
‫الشيخ المذكور غير شعيب نبي الله‪ ،‬وإنما هو ابن أخيه‪ ،‬أو ابن عمه‪،‬‬

                            ‫‪62‬‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67