Page 57 - b
P. 57
الفصل الرابع
من أخبر الأنبياء بنبوتهم؟
من هدى النار لموسى إلى نبوءة ورقة لمحمد!!
السؤال المبدئي والمهم فيما يخص الرسالات السماوية جمي ًعا،
ليس هو السؤال الشائع عن إن كانت الكتب المقدسة أملاها الله على
الأنبياء بواسطة الملاك (جبريل)؛ أم هي من عندهم -وهو سؤال مهم
أي ًضا سنصل إليه ،كما سنصل إلى موضوع المعجزات التي ُمنِ ُحوها
لإقناع الناس ،-ولكن السؤال ،من وجهة نظري ،هو :كيف عرف
الأنبياء أنهم مرسلون من الله لتبليغ رسالاته؟ بصيغة أوضح :من
الذي أنبأ الأنبياء أنفسهم بأنهم رسل من الله إلى أقوامهم ليبلغوا
عنه؟ طب ًعا إن سلمنا بفكرة أن الله يحتاج رس ًل من البشر.
هذا السؤال البديهي يتم تجاوزه عادة في الدراسات الإيمانية،
باعتبار أنه محسوم ،واستنا ًدا إلى ما يضفونه على الأنبياء من صفات
نبيلة كالصدق والأمانة والتجرد والحكمة ..إلخ ،باعتبارها صفات
لأخيار أعلى من البشر العاديين ،كقول النبي محمد (ص) «أنا خيار
من خيار من خيار».
بالطبع هذا جيد ومنطقي أن يتصف الرسل الذين (اصطفاهم
الله) بتلك الصفات ،لكن آخرين غيرهم كانوا يتصفون بها كذلك،
فمث ًل« :روى الإمام أحمد ( ،)17405والترمذي ( ،)3686والحاكم
( )4495من طريق مشرح بن هاعان ،عن عقبة بن عامر رضي الله
عنه قال :سمعت رسول الله (ص) يقول :لو كان بعدي نبي لكان
عمر بن الخطاب» (صححه الحاكم ووافقه الذهبي وحسنه الترمذي،
وكذا حسنه الألباني في «صحيح الترمذي» .وهذا يعني أن عمر بن
الخطاب كذلك كان يتصف بالصفات التي تؤهله للنبوة.
57