Page 55 - b
P. 55
وليس مفاجئًا أن هذه الأبحاث تسير عكس اتجاه السرديات الدينية،
فالعلم يكتشف باستمرار -بعد إجراء أبحاث وتحليلات وفحصوات
معقدة على عينات مختلفة تفصلها آلاف السنين -أن الإنسان تطور
عن كائنات أخرى.
***
في النهاية أريد أن ألخص ما توصلت إليه في عدة نقاط ،أعرف
جيِّ ًدا أن التلخيص مخ ٌّل ،لكن حسبي أنني لا أستهدف القطع بنتيجة
حاسمة في الموضوع ،بقدر ما أريد أن أشير إلى مجموعة من العلامات
والدلائل التي قد توصل إلى شيء ما ،ووضع إصبع على التناقضات
في السرديات المختلفة ،إن عرضت على عقل متجرد ،ومتخفف من أي
إيمان مسبق:
-1أن القرآن أشار إشارات عابرة عن موضوع خلق آدم وحواء،
وعصيانهما وهبوطهما من الجنة ،إشارات قد يفهم منها ما ذهبت
إليه التفاسير وقد يفهم منها أشياء أخرى ،وهنا نشير إلى أن معظم
الدين الذي نعرفه هو اجتهادات بشرية غير قطعية الصدق.
-2أن العهد القديم تناول قصة خلق آدم بتفصيل أكبر ،ونجد
صدى ما جاء فيه في الأحاديث التي نسبت إلى الرسول (ص) ،وهو
ما يفتح باب تأثير أحبار اليهود الذين أسلموا على ديانة الإسلام ،كما
يفتح باب صدقية الأحاديث التي يأخذ العامة منها عقائدهم.
-3أن بعض القصص الواردة في السرديات الدينية ،الإسلامية
واليهودية على السواء -باعتبار أن المسيحية سكتت عن هذا
الموضوع -متعارضة ومتناقضة ،وبعضها غير معقول ،وأنها تأخذ
قوتها من انتقالها عبر الزمن من ناحية ،ومن تأخر العلم في تقديم
سرديات بديلة.
-4أن خطورة موضوعات مثل تلك ليست في تلك السرديات
ذاتها ،وإنما في ترسيخ فكرة الإيمان الأعمى دون تدبر ،وإن خاصم
55