Page 59 - b
P. 59
وتقاطع مع فرعون مصر ،ولم تذكره النقوش على المعابد والأهرامات
التي ذكرت معظم الفراعين وزوجاتهم وأبناءهم ورجال حاشيتهم
وكهنتهم ومهندسيهم ،بل و ُع َّمالهم ..إلخ ،وأن الجزيرة العربية كانت
-ولا تزال -صحراء قاحلة بلا مياه جوفية ،وبالتالي فإن آثارها
لا تندثر بسهولة ،في حالة وجود آثار طب ًعا( .يذكر هنا أن «دان
جيبسون» وهو كاتب كندي يدرس تاريخ الجزيرة العربية والإسلام،
أخذ عينة من تربة الحجاز وفحصها ،وتوصل إلى أنها لم تكن تصلح
للزراعة في أي وقت لأنه ليس تحتها أي مياه).
فقط أود الإشارة إلى أن لدينا دائ ًما -كمسلمين -سرديتين
حول كل قصة إيمانية تخص موسى والمسيح :السردية التي يقدمها
العهدان القديم والجديد ،والتي يؤمن بها كل اليهود والمسيحيين
حتى اليوم ،وسردية أخرى وردت في القرآن ،ويؤمن بها المسلمون
وحدهم ويعتقدون أنها الأصح ،السرديتان تتقاطعان أحيا ًنا وتختلفان
في كثير من الحالات ،كما سأبين ،ويعزي المسلمون هذه الاختلافات
إلى أن الكتب القديمة تم تحريفها .فعن تحريف التوارة ورد قوله
تعالى« :من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه» (المائدة،)13 :
وقوله« :ومن الذين هادوا س َّما ُعون للكذب س َّما ُعون لقوم ءاخرين
لم يأتوك يح ِّرفون ال َكلِ َم من بعد مواضعه» (المائدة ،)41 :ويستدل
المسلمون على تحريف الإنجيل بالكثير من القصص والروايات التي
لا يرونها صحيحة ،ومنها قضية التثليث في الاعتقاد المسيحي« :لقد
كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة» ،و»لقد كفر الذين قالوا إن الله
هو المسيح ابن مريم» (المائدة ،)72 :كما ورد في إنجيل لوقا «فأجاب
الملاك وقال لها« :الروح القدس يحل عليك ،وقوة العلي تظللك ،فلذلك
أي ًضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله» (لو ،)35 :1والمعنى أنهم
يفتئتون على الله بتغيير كلامه.
ثم إن قصة صلب عيسى وموته ودفنه كما وردت في الإصحاح
59