Page 109 - b
P. 109

‫مكتو ًبا فما سيحدث منطقيًّا هو (الحذف) وليس النسيان‪ ،‬الحذف‬
‫بإتلاف الرقعة لكن النسيان بعدم تذكرها‪ ،‬والفارق شاسع‪.‬‬

‫باب النسيان هذا باب مخيف‪ ،‬لأن الناسي يدرك أنه نسي حين‬

‫يتذكر ما نسيه‪ ،‬فيدرك أن ثمة مشكلة يجب إصلاحها وإعادة تدبرها‪،‬‬
‫أما لو لم يتذكر فلن يدرك أنه َن ِس َي من الأصل‪ ،‬وهنا سيثار سؤا ٌل‬
‫مه ٌّم‪ :‬إذا كان مبدأ النسيان موجو ًدا‪ ،‬استنا ًدا إلى أن (كتاب الله) غير‬
‫مسجل‪ ،‬فمن يضمن أن هناك آيات أخرى ُن ِس َي ْت دون أن يتذكر‬
‫الناسي أنه نسيها؟ والسؤال الأكثر أهمية‪ :‬إذا كان الله قد َأ ْن َسى‬
‫ما فائدة أن‬      ‫الماآيتدايمن؛عفبلامداذياتذلمكري؟ن ثسما‪..‬هملاماذعابَّايدر‪،‬سولغيالرله ُه؟‬  ‫هاتين‬  ‫النب َّي‬
‫عبَّا ًدا ليصلي‬                                                                           ‫النبي‬  ‫ينسي‬

‫بالآيتين ليتذكرهما النبي وقد أنساه الله إياهما؟ لا أجد إجابة منطقية‬

‫سوى أن المفسرين يقولون أي حج ٍج ليبرروا موضوع النسيان هذا‪،‬‬
‫استنا ًدا إلى آية النسيان‪ ،‬لأن ثبوت النسيان سيفتح با ًبا يصعب‬
‫إغلاقه‪ .‬وأتصور أن باب الناسخ والمنسوخ أي ًضا ليس سوى محاولة‬
                 ‫تبرير ما يصعب الدفاع عنه‪ ،‬وسآتي على ذلك لاح ًقا‪.‬‬

‫أظن أن ما أردت لفت النظر إليه واضح‪ ،‬وهو أن النسيان يعني‬

‫أن الأصل المنسي غير مكتوب وإلا تم الرجوع إليه‪ ،‬فحين أكتب كتا ًبا‬
‫وأن َسى تفصيل ًة ما‪ ،‬سأتذكرها بالتأكيد وأنا أراجع ما كتبت‪ .‬وحيث‬
‫إن النبي (يعرض) على (جبريل) مادة عينية‪ ،‬فإن هذا يناقض ذاك‪.‬‬
‫وأي ًضا‪ :‬إذا أُنسي النبي‪ ،‬فماذا عن ال َك َت َبة وال ُح َّفاظ الذين يحتفطون‬
‫بالنص مكتو ًبا لديهم ‪-‬وقد ُج ِم َع ْت منهم وقت جمع القرآن‪ -‬أو‬
‫يحفظونه في صدورهم؟ هل ينسيهم الله جمي ًعا في الوقت نفسه؟!‬

                     ‫لحون القرآن‬
‫في سنن النسائي‪ ،‬كتاب تحريم توبة المرتد‪ ،‬حديث صحيح‬
‫الإسناد (‪ )4069‬نصه‪ :‬عن ابن عباس قال‪ :‬في سورة النحل‪« :‬من‬

                             ‫‪109‬‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114