Page 114 - b
P. 114

‫بأمره‪ ،‬ودخلت دويبة لنا فأكلتها»‪ .‬كما ورد عند ابن ماجه في السنن‬
‫(‪« :)1944‬عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬لقد‬
‫نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عش ًرا‪ ،‬ولقد كان في صحيفة تحت‬
‫سريري‪ ،‬فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها»‪.‬‬
‫أهمية هذا الحديث أن ال ُح ْكمين الوارد ْين فيه (الرجم ورضعات‬
‫الكبير عش ًرا) مختلفان عن الثابت والذي كان معمو ًل به حتى وفاة‬
‫النبي‪ ،‬فحكم الزنا وارد في الآية (‪ )2‬من سورة النور بالجلد لا الرجم‬
‫«الزاني ُة والزاني فاجل ُدوا ُكل واح ٍد من ُهما مائة جلد ٍة»‪ ،‬ولا وجود‬
‫لرضاع الكبير في القرآن أص ًل‪ ،‬لكن بعض الأحاديث النبوية تذكر‬
‫أن ال ُحكمين كانا موجودين ومعمو ًل بهما بالفعل‪ ،‬لكنهما ُن ِس َخا لف ًظا‬
‫ولم ُينسخا حك ًما‪ ،‬وباب «الناسخ والمنسوخ» باب كبير سأتوقف‬
‫عنده في المبحث الآتي لأنه يحتاج إلى نظر‪ ،‬وهو لا يهم هذه الكتابة‬

                ‫على أي حال‪ ،‬وإنما اللافت في الحديث ثلاثة أمور‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو الإهمال فيما لا يجب إهماله‪ :‬فوضع رقعة تحتوي‬
‫قرآ ًنا كتبه الله في متناول الداجن ليس عم ًل صائبًا‪ ،‬وينم عن أن َم ْن‬
‫قام بهذا الفعل لا ُينزل القرآن منزلته من التقديس‪ .‬وحيث إن من‬
‫فعل ذلك هي السيدة عائشة فإن هذا يستدعي حديثًا آخر مرو ًّيا‬

                                                         ‫عنها‪.‬‬
‫فورد في صحيح مسلم (‪ )3631‬عن عائشة‪ ،‬قالت‪ :‬كنت أغار‬
‫على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله‪ ،‬وأقول‪ :‬وتهب المرأة نفسها!‬
‫فلما أنزل الله عز وجل‪« :‬ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من‬
‫تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت» (الأحزاب‪ )51 :‬قالت‪ :‬قلت‪« :‬والله‪ ،‬ما‬
‫أرى ربك إلا يسارع لك في هواك»‪( .‬أخرجه البخاري في «صحيحه»‬

                                                     ‫(‪.)4788‬‬
‫وعلى الرغم من أن الشارحين قد أ َّولوا قول السيدة عائشة بأنها‬
‫تقصد أن الله يسارع في تلبية طلبات نبيه‪ ،‬باعتبار أنها أخطأت في‬

                            ‫‪114‬‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119