Page 115 - b
P. 115

‫لفظ كلمة (هوى) وكان عليها أن تقول (يسارع في رضاك)‪ ،‬أي أنهم‬
‫بنوا تفسيرهم على لفظ آخر (تمنَّ ْوا) لو أن عائشة قالته‪ ،‬بدي ًل عن‬
‫اللفظ الذي قالته بالفعل وأُثبت عنها! فإن عرفنا أن التنزيل الذي‬
‫كانت تقصده السيدة عائشة يخص ترك النبي القسم بين زوجاته‪،‬‬
‫فيبيح له الله أن يؤوي من يشاء منهن‪ ،‬ويترك منهن متى يشاء‪،‬‬
‫ويقسم لمن يشاء‪ ،‬ويترك القسم لمن يشاء‪ ..‬وهو أمر يعني السيدة‬
‫عائشة مباشرة كإحدى الزوجات‪ ،‬يمكن أن نستنتج أنها قصدت‬
‫ما لفظته بالفعل‪ ،‬وليس ما تمناه المفسرون‪( .‬طب ًعا هذا فض ًل عن‬

       ‫انشغال كتاب الله الأخير بتقسيم وقت النبي بين زوجاته!)‬
‫وقولها هذا‪ ،‬لا أقول إن فيه تشكي ًكا في التنزيل‪ ،‬ولكنه لا ينزله‬
‫منزلته على الأقل‪ ،‬وبالتالي فوضع آيتي الرضاع والرجم تحت‬

                       ‫الفراش في متناول الداجن ليس مستغر ًبا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إذا كانت النسخة التي (أكلها الداجن) على قول السيدة‬
‫عائشة قد ُفقدت‪ ،‬فهل كانت الوحيدة؟ بمعنى‪ :‬هل كتبها كاتب واحد‬
‫وسلمها للنبي‪ ،‬الذي سلمها بدوره لعائشة فوضعتها تحت فراشها‪،‬‬
‫دون أن يكتبها كاتب آخر‪ ،‬أو يحتفظ الكاتب (الوحيد) بنسخة لنفسه؟‬
‫وإذا كانت نسخة وحيدة وسلمنا بذلك‪ ،‬فهل كانت الآيتان سريتين لا‬
‫يحفظهما أي حافظ فأملاها على لجنة أبي بكر أو لجنة عثمان اللتين‬

                         ‫جمعتا القرآن من الرقاع ومن الصدور؟‬
‫الثالث‪ :‬ألا يناقض هذا الحديث الآية التي تقول «اليوم أكمل ُت ل ُكم‬
‫دين ُكم وأتمم ُت علي ُكم نعمتي ورضي ُت ل ُك ُم الإسلام دينًا» (المائدة‪:‬‬
‫‪ )3‬التي نزلت يوم جمعة بعد حجة الوداع‪ ،‬والتي توفي النبي بعدها‬
‫بواحد وثمانين يو ًما؟ ألا يفهم من آية «اليوم أكمل ُت‪ ”..‬أن الوحي قد‬
‫اكتمل وأنه لن يتنزل قرآن بعدها؟ فكيف ومتى نزلت الآيتان ولم‬
‫يثبتا في مكانيهما حتى وفاة النبي؟ ثم‪ :‬ألم يراجع (جبريل) القرآن‬
‫مع النبي في صورته الأخيرة حسب الحديث الصحيح الذي أوردناه؛‬

                             ‫‪115‬‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120