Page 161 - b
P. 161

‫هذا معاوية وعائشة‪ ،‬وحكي عن الحسن وابن إسحاق‪ .‬وقالت طائفة‪:‬‬
‫كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس‪ ،‬وإلى السماء بالروح‪،‬‬
‫واحتجوا بقوله تعالى‪ :‬سبحان الذي أسرى بعبده لي ًل من المسجد‬
‫الحرام إلى المسجد الأقصى‪ ،‬فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره‪،‬‬
‫فإنه كان يكون أبلغ في المدح‪ .‬وذهب معظم السلف والمسلمين إلى أنه‬
‫كان إسراء بالجسد وفي اليقظة‪ ،‬وأنه ركب البراق بمكة‪ ،‬ووصل إلى‬

                      ‫بيت المقدس وصلى فيه ثم أُسري بجسده”‪.‬‬
‫و ُيذكر هنا أن سيد قطب ر َّجح أن الإسراء والمعراج م ًعا حدثا‬
‫بالروح وليس بالجسد‪« :‬والراجح من مجموع الروايات أن رسول‬
‫الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ترك فراشه في بيت أم هانىء إلى المسجد‪،‬‬
‫فلما كان في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان أُسري به و ُع ِّرج‪.‬‬

                              ‫ثم عاد إلى فراشه قبل أن يبرد»(‪.)6‬‬
‫‪ -‬كما اختلفوا في توقيت الحدوث‪“ :‬وقد اختلف العلماء في‬
‫ذلك أي ًضا‪ ،‬واختلف في ذلك على ابن شهاب‪ ،‬فروى عنه موسى بن‬
‫عقبة أنه أسري به إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة‪.‬‬
‫وروى عنه يونس عن عروة عن عائشة قالت‪ :‬توفيت خديجة قبل‬
‫أن تفرض الصلاة‪ .‬قال ابن شهاب‪ :‬وذلك بعد مبعث النبي بسبعة‬
‫أعوام‪ .‬وروي عن الوقاصي قال‪ :‬أسري به بعد مبعثه بخمس سنين‪.‬‬
‫قال ابن شهاب‪ :‬وفرض الصيام بالمدينة قبل بدر‪ ،‬وفرضت الزكاة‬
‫والحج بالمدينة‪ ،‬وحرمت الخمر بعد أحد‪ .‬وقال ابن إسحاق‪ :‬أسري‬
‫به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس‪ ،‬وقد‬
‫فشا الإسلام بمكة في القبائل‪ .‬وروى عنه يونس بن بكير قال‪ :‬صلَّت‬
‫خديجة مع النبي‪ .‬وسيأتي‪ .‬قال أبو عمر‪ :‬وهذا يدلك على أن الإسراء‬
‫كان قبل الهجرة بأعوام‪ ،‬لأن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بخمس‬
‫سنين وقيل بثلاث وقيل بأربع‪ .‬وقول ابن إسحاق مخالف لقول ابن‬

                             ‫‪161‬‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166