Page 194 - b
P. 194
الإجابة هي البستان ،ففي تفسير الطبري لآية «أعد الله لهم جنات
تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم» (التوبة:
،)89يقول« :قال أبو جعفر :يقول تعالى ذكره :أعد الله لرسوله
محمد (ص) وللذين آمنوا معه (جنات) ،وهي البساتين» .وفي تفسير
ابن كثير للآية ( )19من سورة (المؤمنون) السابق ذكرها قبل عدة
أسطر يقول« :يعني :فأخرجنا لكم بما أنزلنا من الماء (جنَّات) أي:
بساتين وحدائق ذات بهجة ،أي :ذات منظر حسن» .وهو المفهوم
نفسه لـ»جنة عدن» في السردية اليهودية ،أي الحديقة .مع ملاحظة
أن التفاسير لا تذكر لماذا قال الله تعالى (جنتان) بالمثنى تحدي ًدا ،ففي
الآية ( )46من سورة الرحمن “ولمن خاف مقام ربه جنتان” يقول
“جنتان ،يعني بستانين”! فهو يفسر المثنى بالجمع عادي ،ثم يتحدث
فيما تبقى عن أسباب ومعنى الخوف “خاف مقام ربه”.
ثانيًا :يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن الكون بالنسبة للقدماء الذين
نزل عليهم القرآن ،وبالنسبة للسردية الإسلامية نفسها ،هو سبع
سماوات وسبع أراضين وعرش الرحمن فوقهم جمي ًعا وتحتهم..
فقط ،وبين كل منها مسيرة خمسمائة سنة بوسيلة المواصلات
التي كانت معروفة وقتها :الجمل .لذلك حين قال الله “جنة عرضها
السماوات والأرض” تع َّجبوا لأن الله لم يترك مكا ًنا للنار!
ففي تفسير ابن كثير للآية جاء« :عن طارق بن شهاب أن نا ًسا من
اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السماوات والأرض،
فأين النار؟ فقال عمر :أرأيتم إذا جاء الليل أين النهار؟ وإذا جاء
النهار أين الليل؟ فقالوا :لقد نزعت مثلها من التوراة .رواه ابن جرير
من الثلاثة الطرق ثم قال )...( :أنبأنا يزيد بن الأصم أن رج ًل من
أهل الكتاب قال :يقولون( :جنة عرضها السماوات والأرض) فأين
النار؟ فقال ابن عباس :أين يكون الليل إذا جاء النهار ،وأين يكون
النهار إذا جاء الليل؟
194