Page 195 - b
P. 195

‫وقد روي هذا مرفو ًعا‪ ،‬فقال البزار‪ :‬حدثنا محمد بن معمر (‪)...‬‬
‫عن أبي هريرة قال‪ :‬جاء رجل إلى رسول الله فقال‪ :‬أرأيت قوله تعالى‬
‫(جنة عرضها السماوات والأرض) فأين النار؟ قال‪« :‬أرأيت الليل إذا‬
‫جاء لبس كل شيء‪ ،‬فأين النهار؟ «قال‪ :‬حيث شاء الله‪ .‬قال‪« :‬وكذلك‬

                            ‫النار تكون حيث شاء الله عز وجل»‪.‬‬
‫بهذا المنطق يقول ال ُّش َّراح إن الجنة هي البستان‪ ،‬وهو لفظ عام‬
‫ُيطلق على كل ما ينطوي تحت هذا الفهم‪ ،‬مهما كان حجمه وعدده‪،‬‬
‫فالجنة = الجنتان والجنات‪ .‬فالبستان الكبير كله جنة‪ ،‬وإن دخلته‬
‫تتجول بين أشجار وأزهار متنوعة كأن كل منها جنة منفصلة‪،‬‬
‫فتكون جنات‪ ،‬وبعض الناس يكون عن يمينه جنة وعن يساره جنة‬

                                              ‫فتكون جنتان(‪.)7‬‬
‫هذا التحليل التبريري المسطح يتغافل عما يقوله ال ُّش َّراح أنفسهم‬
‫من أن القرآن محك ٌم لغو ًّيا‪ ،‬وأن الله يقصد كل كلمة فيه‪ ،‬فجنة غير‬
‫جنتين غير جنات‪ ،‬ويتصور أن الأرض مسطحة لها بعد واحد فقط‬
‫بحيث لا يستطيع الإنسان إلا أن ينظر عن يمينه ويساره ليرى‬
‫جنتين فقط‪ ،‬ولا يستطيع أن ينظر أمامه وخلفه وفوقه وتحته فيرى‬

                                                  ‫أربعة وستًّا!‬

          ‫وصف نعيم الجنة في الأحاديث‬
‫في الأحاديث النبوية الكثير من أخبار أهل الجنة والمتع التي‬
‫سيتمتعون بها‪ ،‬منها ما ورد في صحيح البخاري رقم (‪ )2598‬عن‬
‫أنس بن مالك‪ ،‬أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بنت سراقة‬
‫أتت النبي (ص) فقالت‪ :‬يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة (وكان قتل‬
‫يوم بدر أصابه سهم غرب) فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير‬
‫ذلك اجتهدت عليه في البكاء‪ .‬قال‪ :‬يا أم حارثة إنها جنان في الجنة‪،‬‬
‫وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى»‪ .‬ولاحظ هنا أن النبي جمعها على‬

                             ‫‪195‬‬
   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200