Page 190 - b
P. 190

‫وعمل الخدمة هو عمل إلهي مستمر‪ ،‬له فاعليته في حياة الآخرين‪.‬‬
‫الكارز أو الخادم يلقي الكلمة في القلوب والله ينميها‪ ،‬كيف؟ لا نعرف‪.‬‬
‫هنا الإنسان الذي يلقي البذار على الأرض هو الكارز أو الخادم»‪،‬‬
‫«فالخادم يلقي البذار أي كلمة الله‪ ،‬والله في سرية له عمله الخفي في‬
‫القلوب التي يقيمها معه بطريقة لا يمكن لنا إدراكها‪ .‬ويفاجأ الخادم‬
‫بنمو الملكوت‪ .‬نحن نجهل طريقة نمو البذار‪ ،‬ولكننا نرى نتائجها‬
‫وربما بعد مدة‪ .‬النمو هو عمل الروح القدس في النفس وليس عمل‬

                     ‫الخادم‪ .‬فالخادم يجهل كيف تنمو الكلمة»(‪.)5‬‬
‫النص والمثل يشيران ‪-‬كما يتضح‪ -‬إلى أن العمل الصالح ينمو‬
‫بذاته دون تدخل ممن قام به‪ ،‬الرب يكبره وينميه دون أن يدرك‬
‫البشر كيف‪ ..‬والمثل يشير إلى موضوع (الخدمة) أو الكرازة التي‬
‫تترك أث ًرا في الآخرين يتعاظم مع مرور الوقت‪ ،‬وقد يحول العاصي‬

                                     ‫إلى مؤمن بتراكم الحصاد‪.‬‬
‫فهل (هكذا الملكوت) التي قالها السيد المسيح تعني أن درجة‬
‫المؤمن تتعاظم داخله بعمله الصالح الذي يتنامى؟ أم يقصد أن عم ًل‬
‫صغي ًرا يظن صاحبه أنه تافه‪ ،‬مثل الخدمة‪ ،‬قد يكون سببًا في دخوله‬
‫ودخول آخرين للملكوت؟ ربما هذا وذاك‪ ،‬لكن في النهاية فإن (ملكوت‬
‫السماء) أو (ملكوت الرب) في الأناجيل‪ ،‬وفي العقيدة المسيحية يوازي‬
‫(الجنة) في الإسلام ‪-‬كما سأبين‪ -‬كونه مكافأة للمؤمن على إيمانه‪،‬‬
‫وأنه درجات فوق بعضها حسب درجة المؤمن‪ ،‬فالذي يؤمن دون‬
‫أن يفعل في درجة دنيا‪ ،‬بينما الذي يؤمن ويفعل في درجة عظيمة‪.‬‬
‫والأمثلة في الأناجيل الأربعة كثيرة يصعب التوقف عندها جمي ًعا‪،‬‬

        ‫لذلك اكتفيت ببعضها‪ ،‬لأن الحصر ليس هدف هذه الكتابة‪.‬‬

                   ‫الجنة في الإسلام‬
‫في الاستعراض السابق وجدنا أن (الجنة) في الديانة اليهودية‪،‬‬

                            ‫‪190‬‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195