Page 229 - m
P. 229

‫الملف الثقـافي ‪2 2 7‬‬‫أن تخلق من القهر مسرحً ا ثوريً ا‪..‬‬      ‫القهر الذي يعانيه أبناء وطنه‪،‬‬  ‫للمسر ِح منذ نشأته رموز‬
                       ‫أوجستو بوال يجعل من غير المرئي بطلً‬    ‫فلفت الانتباه كناشط ثقافي‪،‬‬
 ‫نسمة عودة‬                                                    ‫وكانت السلطات العسكرية‬       ‫أيقونية عدة تختلف باختلاف‬
                                                            ‫في البرازيل خلال الستينيات‬       ‫زمنها وما تقدمه من أفكا ٍر‬
                                                                  ‫تنظر للأنشطة الثقافية‬     ‫ثورية‪ ،‬ولا شك أن البرازيلي‬
                                                               ‫كخطر وتهديد‪ ،‬كما فرض‬              ‫أوجستو بوال أحد أهم‬
                                                                  ‫النظام العسكري رقابة‬       ‫رموز المسرح العظام‪ ،‬ليس‬
                                                                ‫شديدة على المسرح‪ ،‬لهذا‬      ‫فقط لكونه مخر ًجا مسرحيًّا‬
                                                              ‫تم اعتقاله وتعذيبه ببشاعة‬         ‫متفر ًدا ومن ِّظ ًرا صاحب‬
                                                              ‫لدرجة صدور حكم الإعدام‬            ‫نظرية مسرحية خاصة‬
                                                             ‫في حقه‪ ،‬ثم ُخفف الحكم إلى‬      ‫للغاية‪ ،‬لكن لأن دوره شمل‬
                                                              ‫النفي خارج الوطن‪ ،‬فذهب‬         ‫فئات من المتلقين المختلفين‪،‬‬
                                                            ‫بوال إلى الأرجنتين‪ ،‬ثم منفاه‬      ‫وخاطب جمهو ًرا لا يمتلك‬
                                                                     ‫الاختياري لأوروبا‪.‬‬
                                                               ‫يعد عام ‪ 1973‬هو البداية‬     ‫رفاهية الذهاب للمسرح‪ ..‬لقد‬
                                                                  ‫الفعلية لبوال في العمل‬     ‫أخذ أوجستو بوال المسرح‬
                                                                ‫المسرحي‪ ،‬حيث اتخذ من‬           ‫نفسه حيث يكون المتفرج‬

                                                            ‫المسرح وسيلة لمحو الأمية في‬    ‫المعدم المقهور‪ ،‬ليمنحه صو ًتا‬
                                                              ‫البيرو‪ ،‬وقام بأساليب عمل‬        ‫ووسيلة للتعبير عن نفسه‬
                                                              ‫مختلفة طبقت في المصحات‬          ‫وقهره وأزماته اللانهائية‪.‬‬
                                                                                               ‫إن ثورية بوال المسرحية‬
                                                            ‫العقلية والقرى المعدمة والمدن‬    ‫تكمن في إنسانيته الشديدة‬
                                                            ‫الصناعية‪ ،‬ومن هذه التجربة‬
                                                                                            ‫وفنه الحقيقي وحبه وشغفه‬
                                                                ‫كون مفهو ًما نظر ًّيا حول‬      ‫بالمسرح‪ ،‬كما أنه لم يهتم‬
                                                               ‫المسرح شرحه في مؤلفاته‬           ‫بالتحقق المادي من مال‬

                                                                 ‫مثل‪ ..‬مسرح المقهورين‬      ‫وشهرة بقدر ما ك َّرس حياته‬
                                                                  ‫الصادر عام ‪ ،1975‬ثم‬        ‫ليجعل من المقهورين لأول‬
                                                             ‫كتاب (ألعاب للممثلين وغير‬           ‫مرة في حياتهم مرئيين‬
                                                                ‫الممثلين) والذي شرح في‬                    ‫ومسموعين‪.‬‬
                                                                ‫تمارين فرقته المسرحية‪،‬‬       ‫ُولد بوال (‪)2009 :1931‬‬
                                                             ‫والكتاب الثالث حول تقنيات‬              ‫في ريو دي جانيرو‬
                                                                 ‫مسرحه كما طبقها وهو‬              ‫بالبرازيل‪ ،‬وقد درس‬
                                                               ‫(قف‪ ..‬إنه سحر)‪ ،‬وأخي ًرا‬           ‫الهندسة الكيميائية في‬
                                                               ‫كتاب (قوس قزح الرغبة)‬         ‫جامعة كولومبيا‪ ،‬ثم درس‬
                                                            ‫الذي شمل منهجه في المسرح‬         ‫المسرح في الولايات المتحدة‬
                                                                                               ‫الأمريكية‪ ،‬بعدها عمل في‬
                                                                               ‫والعلاج‪.‬‬     ‫مسرح أرينا في ساو باولو‪.‬‬
                                                             ‫يعتمد مسرح المقهورين على‬
                                                             ‫اسكتشات تعرض وقائع ما‬         ‫كان للظروف السياسية التي‬
                                                             ‫تشكل نقطة انطلاق للعرض‬           ‫نشأ بها بوال دو ًرا رئي ًسا‬
                                                                                                 ‫في تفجير حبه للمسرح‬
                                                                ‫الذي يتطور حسب ردود‬          ‫والتعبير من خلاله عن كل‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234