Page 242 - m
P. 242
العـدد 57 240
سبتمبر ٢٠٢3
أرسطو ،بداية من مقولة الطريقة التي يشاهد بها بينهما قوامها التفاعل
المتبادل .وعلى الرغم من
الناس العروض المسرحية ،المحاكاة ذاتها ،هو الذي فتح سوء الفهم الذي أحاط بهذا
المفهوم ،فإن إسهامات
الباب لنشوء النظرة الحرفية والتي تجعلهم يسلمون بريخت قدمت عد ًدا من
المنطلقات التي تتعلق بدراسة
بما يقدم أمامهم من دون الضيقة لعلاقة الفنان بالواقع المتلقي في المسرح ،وقد
أسست هذه الإسهامات
والطبيعة التي أوقعت الكثير أن يناقشوه من الناحية ممارس ًة مسرحي ًة متطور ًة
تهتم بعمليتي الإنتاج والتلقي
عند السطح الخارجي الاجتماعية. بشكل واع ،ومن ثم أصبح
ولعل مما يقدم دلي ًل قو ًّيا للأشياء والظواهر». العرض ،في هذا السياق،
على اهتمام بريخت الكبير وهكذا اتجه المسرح على يد مشرو ًعا تعاونيًّا بعد أن
كان وحدة منفصلة قائمة
بالمتلقي ،سواء في كتاباته هؤلاء المسرحيين إلى تقليد بذاتها لا تطلب من المتلقي إلا
أن يؤدي دور المتلقي فقط.
واقع الحياة تقلي ًدا أعمى، النظرية ،أو نصوصه وهكذا أصبح له دور نشط
يؤديه ،وجرى الاعتراف
ا فأصبحت الملاحظة لا التفكير المسرحية ،أن أي جدول بأهميته المركزية في التجربة
هي أداة التأليف المسرحي، للمقارنة بين مسرحه المسرحية.
كما أن هذه الإسهامات لم
الملحمي ،والمسرح الدرامي ومن ثم ابتدعوا الأنماط تشجع فقط على إنتاج متل ٍّق
من نوع جديد يضطلع بدور
الأرسطوطاليسي ،والذي المحفوظة (الكليشيهات) التي المؤدي حالما ينتهي العرض،
على حد قول التوسير ،بل
درج الباحثون على وضعه قولبت المشاعر والأحاسيس وضعت ،أي ًضا ،الأنموذج
السائد للعلاقة التواصلية
الإنسانية المعقدة واختصرتها بشكل تقليدي في معظم بين الخشبة والمتلقين موضع
الكتب المؤلفة حول بريخت ،في سلسلة من الأقنعة الميتة التساؤل.
وعن الجدل الأكاديمي الذي
يتضمن العديد من النقاط التي لا تزال تشكل حتى أثير حول مفهوم التغريب،
تشير بينيت إلى أن معظمه قد
الآن مادة جاهزة للتعليم الخاصة بالمتلقي ،أو ما ركز على مشاركة المتلقي في
العملية المسرحية .وتقتبس،
يهدف المسرح الملحمي إلى أن الأكاديمي للفنون وخاصة في في هذا الصدد ،رأ ًيا لدانا بول
مفاده أن فكرة المسافة تبرز
يحققه له ،فإذا كان المسرح تدريس الكلاسيكيات ،وهو لنا أن أنماط التلقي المعتادة
ما جعل المسرحي الشهير الدرامي يستغرق المتلقي تتحكم فيها الإيديولوجيا،
وأن مسرح بريخت يقوض
بريخت ( )Brechtيثور داخل الحدث على خشبة
المسرح ،فإن المسرح الملحمي على الأرسطية لا أرسطو
يحول هذا المتلقي إلى مراقب من خلال نظريته المتعلقة
بالمسرح الملحمي ،والتي أطلق للحدث.
عليها اسم المضاد الأرسطي، يرى أرسطو ،أن مهمة
فالنظرية البريختية تعد من الشاعر لا تقتصر على
تجسيد الواقع فحسب بل أبرز النظريات المسرحية
عليه أن يتوقع ما سيحدث التي تحدت النظرية الدرامية
أي ًضا ،فمن الضروري أن الأرسطية في القرن العشرين،
ذلك أنها تنتقد الدراما التي
يخضع فن المحاكاة إلى
مفهوم الاحتمال .وقد أثارت ترتكز خاصة على الحوار
المحاكاة بمفهومها الأرسطي القائم على الخيال ،مقابل
جد ًل بين أوساط النقاد
دراما ملحمية تظهر فيها
المسرحيين أدى إلى تباين ملامح الراوي ،الأغاني،
وجهات النظر حول مفاهيم وعدم تجاهل الجمهور،
التنظير المسرح؛ إذ إن «الخلط فمسألة المحاكاة عند بريخت
لا تتوقف عند تصوير المتراكم في تفسير أقوال