Page 131 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 131

‫الصادرات‬

          ‫اللؤلؤ في جزيرة البحرين والتي كانت مصدر‬                 ‫النموذجية للكتابات المسمارية السومرية بين كلمة‬
          ‫رئيسي لازدهار الجزيرة‪ ،‬كما أكدت لنا ذلك أوصاف‬           ‫«عين» ولفظها (‪ ،63)IGU‬والتي هي اللؤلؤة وبين‬
          ‫الر ّحالة العرب مثل «ابن بطوطة «(‪1332‬م) و»‬              ‫محار اللؤلؤ الذي عرف باللغة السومرية (‪)IGU.KU6‬‬
          ‫الأدريسي «(‪1154‬م) إذ تتوفر فيهما معلومات هامة‬           ‫أو بصيغة (‪ .64)IGI.HA‬وهذا يعني أن السومريون‬
          ‫عن الموضوع الذي يمكن أن نرجع بدايات نشاطه‬               ‫قد عرفوا عملية استخراج اللؤلؤ من المحار‪ ،‬وبما‬
          ‫التجاري‪ ،‬إلى بداية الألف الثالث قبل الميلاد إن لم‬       ‫أن كلا الجزأين (اللؤلؤة ‪ -‬صدفة المحار) مرتبطين‬
                                                                  ‫مع بعض فقد وصفوا اللؤلؤة بعين السمك وهي‬
                                 ‫يكن يعود إلى فترة مبكرة‪.68‬‬       ‫فع ًلا تشبه عين السمك تما ًما‪ ،‬ليفرقوا بينها وبين‬
          ‫أما أدلة الاكتشافات الأثرية للصدفات المائية‪،‬‬            ‫ال ّصدفة التي استخدمت لأغراض بعيدة كل البعد‬
          ‫فنجدها في أغلب مناطق حضارة دلمون في مواقع‬               ‫عن استخدامات اللؤلؤ‪ ،‬بيد أن هذا لا يعني أن نخلط‬
          ‫شرق الجزيرة العربية‪ ،‬حيث اكتشفت مجاميع من‬               ‫بينه وبين أحجار معينة من فصيلة العقيق الأحمر‬
          ‫المصنوعات تبين كيف تطورت هذه الحرفة في‬                  ‫ذكرته النصوص السومرية باسم (‪ )IGI .NA4‬والذي‬
          ‫الماضي السحيق وهي عبارة عن مثاقب حجرية‬
          ‫صغيرة ج ًدا‪ ،‬من المؤكد أنها استعملت لاستخراج‬                    ‫كان يجلب من «ميلوخا» كما ذكرنا ساب ًقا‪.65‬‬
          ‫اللآليء وثقبها ونظمها في خيوط واستعمالها‬                ‫لقد استخدم سكان بلاد الرافدين الصدف بإفراط‬
          ‫كحلية‪ ،‬وهذه الأدوات يعود تاريخها إلى الألف‬              ‫في فنهم الزخرفي خلال الألف الثالث قبل الميلاد أما‬
          ‫الثالث قبل الميلاد وهي دليل قدم تجارة اللؤلؤ في‬         ‫اللؤلؤ فكان يستخدم كحلي وزينة‪ ،‬وكانت الأصداف‬
                                                                  ‫المائية التي وجدوها بكثرة في شواطئ دلمون‬
                                                       ‫الخليج‪.69‬‬  ‫بأحجام وتراكيب مختلفة أعانتهم على صنع ألواح‬
          ‫أما آثار أكوام الأصداف فقد عثر عليها في الساحل‬          ‫رقيقة يمكن تقطيعها لتكوين عناصر هندسية‬
          ‫الشرقي للعربية السعودية‪ ،‬حيث توجد كومات‬                 ‫وبشرية وحيوانية متعددة وبأساليب وطرق عمل‬
          ‫مستطيلة الشكل من الأصداف على مقربة من‬                   ‫مختلفة‪ ،‬كانت بمثابة تطعيمات تعد من أجمل ما‬
          ‫الشاطئ عند تل يعرف باسم «جبل المدرة» وقد‬                ‫عرف من اللوحات الفنية المزينة في الفن السومري‬
          ‫تبين من خلال دراسة الأصداف أن الإنسان في تلك‬            ‫سواء تلك المكتشفة في «أور» والعائدة إلى عصر‬
                                                                  ‫فجر السلالات أو الشواهد الكثيرة في مدن «لجش»‬
                            ‫المنطقة قد عرف صناعة اللؤلؤ‪.70‬‬        ‫و»كيش» جنوب بلاد الرافدين‪ ،‬إلا أن المكتشفات في‬
          ‫وفي مناطق حضارة دلمون يتوفر أكثر من دليل‬                ‫المدن الأخيرة محطمة وغير كاملة بحيث يصعب‬
          ‫مباشر على كون «دلمون العاصمة» (البحرين) مصدر‬
          ‫عيون السمك الشهيرة في النصوص المسمارية‬                                  ‫التحدث عن تصاميمها وأشكالها‪.66‬‬
          ‫حيث تقع كومة تل من الصدف في الساحل‬                      ‫لقد أثبتت الأدلة النصية والمادية استيراد الصدف‬
          ‫الجنوبي للبحرين بقياس ‪ 4‬متر ارتفا ًعا و‪ 200‬متر‬          ‫واللؤلؤ من شواطئ دلمون‪ ،‬والشواطئ كما هو‬
          ‫طو ًلا و(‪ )100‬متر أتسا ًعا‪ ،‬تدل على اتساع نشاط‬          ‫معروف هي البيئة الصالحة لنمو محار اللؤلؤ‪ ،‬وتعد‬
          ‫تجارة الأصداف واللؤلؤ في البحرين‪ .71‬كما عثر في‬          ‫شواطئ دلمون (البحرين) بصفة خاصة من أغنى‬
          ‫رأس جزيرة البحرين وعلى بعد ‪ 1‬كم عن البحر تلال‬           ‫شواطئ العالم بالنسبة لهذا المورد الاقتصادي‬
          ‫أصداف اللؤلؤ وتشير الأدلة الأثرية لهذا الموقع أن‬        ‫الهام الذي اعتمدت عليه حياة سكان الخليج‬
          ‫الصيد كان متواص ًلا فيه إلى فترة تعود لمنتصف‬            ‫ورفاهيتهم قديما ولفترة طويلة من الزمن لاسيما‬

                                  ‫الألفية الثالثة قبل الميلاد‪.72‬‬                                      ‫إقليم «دلمون»‪.67‬‬
          ‫وير ّجح أن طريقة التعامل مع هذه الكميات‬                 ‫وفي فترة العصور الكلاسيكية وحتى منتصف‬
          ‫الكبيرة من أصداف الم ّحار قبل استخراج لؤلؤها‬            ‫القرن الماضي كان بإمكان المرء أن يشاهد مصائد‬
          ‫تتم بطريقة نشر الصيادين صيدهم في الشمس‬

                                                                  ‫‪131‬‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136