Page 133 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 133

‫الصادرات‬

          ‫ومعرفة السكان لها‪ ،‬وهذا يجعل من أمر تواصل‬                     ‫الدنماركية في جزيرة «أم النار» العثور على آلاف‬
          ‫معرفتهم بالسلاحف منذ الألف الثالث قبل الميلاد‬                 ‫القطع والشظايا لعظام السلحفاة الخضراء‪ ،‬وتبين‬
                                                                        ‫من خلال دراسة الزواحف التي كانت تعيش في‬
                                                       ‫أم ًرا وار ًدا‪.‬‬  ‫المنطقة وأهمها السلاحف‪ ،‬أ ّن لها أهمية في غذاء‬
                                       ‫الخاتمة والاستنتاجات‪:‬‬            ‫سكان الجزيرة‪ ،‬ومن المحتمل أنها مصدر مهم‬
          ‫لقد افرز البحث جملة من النتائج التي تعتبر إضافة‬               ‫للزيت والجلد‪ ،‬ومن الملفت للنظر أن اقتصاد سكان‬
          ‫لموضوع التجارة بين حضارات إقليمين متجاورين‬                    ‫«أور» الثالثة في العام (‪ ) 30 - 32‬لحكم «شولجي»‬
          ‫مهمين في منطقة الشرق الأدنى بشكل عام‬                          ‫(‪ 2062 - 2064‬ق‪.‬م) قد ذكر في نص تسجيلي ليس‬
                              ‫وجنوب غرب أسيا بشكل خاص‪.‬‬                  ‫أقل من (‪ )2486‬سلحفاة و(‪ )2714‬بيضة سلحفـاة‪،79‬‬
          ‫وتأكد لدينا من خلال دراسة نصوص الكتابات‬                       ‫والنص يعاصر الفترة الأخيرة لحضارة «أم النار» أي من‬
          ‫المسمارية‪ ،‬أن التجارة بين مملكة دلمون وممالك‬                  ‫المحتمل أن يكون هناك نوع من التبادل التجاري‬
          ‫جنوب بلاد الرافدين كانت تجري إما بواسطة السفن‬                 ‫بين سكان جزيرة «أم النار» في فترة حضارتها‪،‬‬
          ‫الدلمونية أو السومرية أو الأكدية‪ ،‬وان المتاجرين‬               ‫وبين سكان أور الثالثة في عصر سلالة أور الثالثة‬
          ‫كانوا متمرسين في مهنتهم خاصة ممن اعتادوا‬                      ‫ما دامت الدلائل الأثرية المادية تتطابق مع الأدلة‬
          ‫ركوب البحر وعرفوا مسالك الطرق المائية السليمة‬                 ‫النصية‪ .‬وهناك أدلة يستشف من خلالها استغلال‬
          ‫التي تجنبهم الرحلات الطويلة أو الخطرة‪ ،‬وكان‬                   ‫بعض السلاحف من منطقة الخليج العربي في‬
          ‫التجار مع سفنهم وبضائعهم الخاصة أو التابعة‬                    ‫فترة السلالة الأكدية والفترة السابقة لها‪ ،80‬أما في‬
          ‫للقصر أو المعبد يعملون بدون كلل أو ملل‬                        ‫أواخر الألف الثالث وبداية الألف الثاني قبل الميلاد‪،‬‬
                          ‫لديمومة مكانتهم ونجاح مهنتهم‪.‬‬                 ‫فإن صدفة السلحفاة كانت من بين الأشياء التي‬
          ‫كما اتضح من خلال ما عرضنا من مكتشفات مادية‬                    ‫استوردها ملوك سلالة لارسا من مناطق الخليج‬
          ‫لمواد مصنعة من مواد خام أساسية كان مصدرها‬
          ‫مناطق حضارات الخليج العربي‪ ،‬بشكل لا يدع‬                                                                   ‫العربي‪.81‬‬
          ‫مجالا للشك بان ارض دلمون كانت مناجم للعديد‬                    ‫أما أدلة وجود السلاحف في البحرين والساحل‬
          ‫من المواد التي لم يتسع المجال في بحثنا هذا‬                    ‫الشرقي للسعودية العربية فقد جاء ذكرها على‬
          ‫لتناولها بشكل كامل بل اقتصرت الدراسة على‬                      ‫لسان المؤرخين الكلاسيكيين‪ ،‬ففي وسط الخليج‬
          ‫مجموعة معينة من تلك المواد الخام ‪ ،‬إضافة إلى‬                  ‫العربي شرق خليج «المسلمية» على شاطئ‬
          ‫المصنوعات المتنوعة والمتعددة من مواد الخام‬                    ‫الإحساء جنوب جزيرة فارسي‪ ،‬تقع جزيرة العربي‪،‬‬
          ‫والمكتشفة في مواقع ومدن بلاد الرافدين التي‬                    ‫والتي تنمو فيها الأعشاب والغابات الصغيرة‬
          ‫تخلوا بشكل تام من أي معدن نفيس يتناسب‬                         ‫ويرتادها الصيادون لاصطياد سلحفاة البحر‪ ،‬وهذا‬
          ‫وجوده مع المصنوعات المكتشفة مما يدل دلالة‬                     ‫يعني أن سكان المنطقة القدامى كانوا يعتمدن‬
          ‫قاطعة على أن تلك المواد المصنعة إما أن تكون‬                   ‫في طعامهم على السلاحف‪ ،‬وقد ذكر «بليني»‪« :‬إن‬
          ‫موا ًدا خام ص ّنعت في بلاد الرافدين أو أنها استوردت‬           ‫سلاحف كبيرة تعيش في الخليج العربي (يسميه‬
                                    ‫كصادرات من مدن دلمون‪.‬‬               ‫البحر الأحمر) بحيث أن سكان جزره يشيدون‬
          ‫ولعل دراسة عدد من المعادن كالنحاس بالدرجة‬                     ‫بيوتهم من صدفة واحدة ويستعملونها سف ًنا‪...‬‬
          ‫الأولى ثم الذهب والفضة وبعض الأحجار الكريمة‬                   ‫ويسبح السكان لصيدها كل ثلاثة رجال على‬
          ‫وغير الكريمة مما اشتهرت به دلمون لهو الدليل‬                   ‫سلحفاة واحدة»‪ ،82‬ومهما تكن صيغ المبالغة‬
          ‫القاطع على غنى ارض البحرين والخليج العربي‬                     ‫المحتملة في قول «بليني» فإن ذكره للسلاحف يدل‬
                                                                        ‫على وجودها في منطقة الخليج ودلمون تحدي ًدا‬

                                                                        ‫‪133‬‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138