Page 127 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 127

‫الصادرات‬

          ‫إلى جنوب بلاد الرافدين‪ .‬ومن بين أهم ما ورد في‬             ‫ثان ًيا‪ -‬الأحجار الكريمة وغير الكريمة واللؤلؤ‪:‬‬
          ‫النصوص ما ذكره الأمير جوديا في نصوصه عن حجر‬           ‫يمكن القول أ ّن جميع الأحجار الكريمة التي وجدت‬
          ‫اللازورد ومنطقة استيراده التي ذكر أنها «ميلوخا»‬       ‫في تنقيبات مدن جنوب بلاد الرافدين أو التي‬
          ‫ومن خلال معرفتها الأكيدة بأن مناجم حجر اللازورد‬       ‫ذكرت في النصوص المسمارية‪ ،‬يجب أن تكون‬
          ‫الذي استخدمه سكان بلاد الرافدين القدامى كانت‬          ‫مستوردة‪ ،‬واغلبها من مناطق جنوب وجنوب شرق‬
          ‫وما تزال في أفغانستان‪ ،‬لذلك يمكننا القول بأن‬          ‫بلاد الرافدين أي أنها لا تتعدى في مصادرها دلمون‬
          ‫تجار ميلوخا كانوا الوسطاء في تزويد مدن جنوب‬           ‫ومناطق الخليج العربي الأخرى ومناطق حضارة بلاد‬
          ‫بلاد الرافدين بهذا الحجر الثمين‪ ،‬ومما يؤكد‬            ‫السند (ميلوخا)‪ .‬ويمكن التركيز على أربعة أنواع‬
          ‫ذلك هو أ ّن تسمية حجر اللازورد باللغة السومرية‬        ‫من الأحجار التي عرفت بالمصطلح السومري (‪ )NA4‬‬
          ‫كما ذكرنا تعني بلغة أفغانستان القديمة «مثل‬            ‫وأصبح علامة دالة توضع قبل أسماء وأنواع الأحجار‬
          ‫الذهب» زا (ر) جن‪ ))GIN) (ZA(r‬ولابد أ ّنها انتقلت إلى‬
          ‫السومريين في جنوب بلاد الرافدين مع حجر اللازورد‪،‬‬                        ‫الكريمة وغير الكريمة والتي منها‪:‬‬
          ‫فأضافوا إليها العلامة السومرية الدالة على الأحجار‬                                                ‫أ‪ -‬اللازورد‪:‬‬
          ‫وهي (‪ ،)NA4‬فدخل الاسم ضمن اللغة السومرية‪،‬‬
          ‫أما سبب تسمية الأفغانيون لللازورد «مثل الذهب»‪،‬‬        ‫الحجر الأزرق اللامع الذي يلفت النظر بلونه وشكله‬
          ‫فيعود إلى أن الحجر المذكور تظهر في بعض من‬             ‫ويرضي ذوق طبقة غنية من الناس تجمعت لديها‬
          ‫أنواعه خطوط صفراء تشبه الذهب تما ًما لذلك‬             ‫ثروة مكنتها من أن تطلبه من مناطق بعيدة‬
                                                                ‫وقريبة حيث عثر عليه في مواقع جنوب بلاد الرافدين‬
                                          ‫سمي مثل الذهب‪.52‬‬      ‫المختلفة الهامة مثل «الوركاء» و «أور» كما ذكرته لنا‬
          ‫لقد كشـــفت التنقيبات الأخيرة في مواقــع جنوب‬         ‫النصوص السومرية الأكدية كسلعة تجارية جلبت‬
          ‫شـرق إيران على كتل من حجر اللازورد الخام‬              ‫من مناطق متعددة لا تبتعد كثي ًرا عن الموانئ‬
          ‫والمصنع‪ ،‬ومن بين هذه المواقع موقع «شار‬
          ‫إيسوختا» (‪ )Shar-I-Sokhta‬الواقعة قرب مدينة‬                                    ‫الرئيسية في مملكة دلمون‪.‬‬
          ‫كرمان‪ ،‬كما وجدت له مخلفات في موقع «تبه‬                ‫لقد أطلق السومريون على اللازورد اسم (‪ZA/‬‬
          ‫يحي» (‪ )TepeYahya‬جنوب غرب إيران‪ ،‬حيث كان‬              ‫‪ )ZA.GIN NA4‬وباللغـة الأكديـة (‪ ،50)uqnu‬وتدل‬
          ‫هذا الموقع مرك ًزا لتصنيع اللازورد وتجارته ومن‬        ‫أغلب الإشارات النصية على أنه وصل مدن جنوب‬
          ‫المرجح على حد قول الأستاذ علي أبو عساف أ ّن‬           ‫بلاد الرافدين عن طريق السفن (أي الطريق المائي)‬
          ‫كل من الموقعين السالفي الذكر كانا محطتين‬              ‫سواء كغنيمة أو كسلعة تجارية حيث يرد في نص‬
          ‫على طريق تجارة اللازورد والممتد من «كابول»‬            ‫من عصر «سرجون الأكدي» (‪ 2371‬ق‪.‬م)‪ ،‬أ ّن حجر‬
          ‫في «أفغانستان» إلى هذين الموقعين ومنهم‬                ‫اللازورد أخذ كغنيمة وجلب إلى الوطن بواسطة‬
          ‫أستورد تجار دلمون هذا الحجر ثم صدروه إلى جنوب‬         ‫السفينة ومن المرجح أن المقطع الوارد في النص‬
          ‫بلاد الرافدين عن طريق التجارة المائية‪ .53‬أما أدلة‬     ‫يخص حملة نهب على منطقة الخليج العربي أو‬
          ‫وجود اللازورد المادية فقـد وجـد في زخرفة العديد‬       ‫في المناطق المجاورة أو الواقعة خلف الخليج‪.51‬‬
          ‫من التحف الفنية المعدنية أو العاجية المطعمة‬           ‫ومن خلال دراسة مصادر كتابية عديدة ذكرت حجر‬
          ‫باللازورد والصدف والخشب‪ ،‬نذكر منـها على سبيـل‬         ‫اللازورد تبين لنا أنه جلب من منطقة «بادخشان»‬
          ‫المثـال رأس القيثـارة الذهبية مـن أور في عصر فجـر‬     ‫في «افغانستان»‪ ،‬وتب ًعا لذلك يفترض بأنه شحن‬
                                                                ‫من مكان ما في الساحل الشمالي للبحر العربي‪،‬‬
                        ‫السـلالات الثالـث‪(.‬ينظر شكل رقم ‪.)4-‬‬    ‫ثم بواسطة الطريق المائي عبر الخليج العربي‬

                                                                ‫‪127‬‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132