Page 70 - التصحيح الأخير لملخص تاريخ بني صالح (2)
P. 70

‫‪٧0‬‬

  ‫وبعد قیام دولة المرابطین منتصف القرن الخامس الهجري (القرن ‪11‬م ) استعاد الملثمون‬
‫قوتهم وعادوا إلى مهاجمة السوننكیین فأخذت مملكة غانه تتقلص من الشمال تحت وقع هجماتهم‬
‫واستعادوا أودغست‪ ،‬وتكاتف التكرور الذین اعتنقوا الإسلام قبل قیام دولة المرابطین معهم على‬

  ‫فتح غانه‪ ،‬حتى أمست الامبراطوریة الغانیة مجرد مملكة سوننكیة صغیرة بعد دك المرابطین‬
   ‫لمعقلها الجنوبي جني سنة ‪ 4٦٩‬هـ‪10٧٦ /‬م ‪ .‬ولم یح ّل القرن السادس الهجري (‪12‬م) حتى‬
  ‫كان آل صالح‪ ،‬الذین ینتمون إلى الحسن بن علي بن أبي طالب یحكمون عاصمة غانه الأولى‬
    ‫كونبي التي أصبحت بفضل حكمهم لها تدعى كونبي صالح ‪ ،‬وظل هذا القسم من غانه تحت‬
  ‫أیدي آل صالح حتّى سنة ‪ ٦01‬هـ‪1203 /‬م حیث تم ّكن الصوصو بزعامة سومانگورو كانتي‬

       ‫من ض ّم غانه إلى بلادهم‪ ،‬واحتلال كونبي صالح‪ ،‬فصارت تابعة لهم‪ ،‬ثم تمكن قائد قبائل‬
                ‫الماندینگ سوندیاتا كیتا من هزیمة الصوصو وإلحاق غانه بامبراطوریة مالي‪.‬‬

‫وخلال حروب استیلاء الصوصو على المدینة انتقلت العائلات الثریة من السوننكیین وجالیات‬
‫العرب التي كانت في كونبي صالح إلى ولاته التي كانت في ذلك الوقت شبه خالیة إلا من شظایا‬

 ‫صنهاجیة مسوفیة في أغلبها سنة ‪ ٦2٥‬هـ‪1224 /‬م‪ ،‬واستعادت ولاته حیویتها وآوت إلیها بقایا‬
    ‫جالیات السكان القدیمة التي كانت تنتشر بین أودغست وآبیر وكونبي صالح منذ عهد مملكة‬

 ‫غانه‪ ،‬من الأغرمانیین والسوننكیین المتهودین في أغلبهم‪ ،‬وفیهم بعض الیهود البیض‪ ،‬وأوزاع‬
    ‫أخرى من البربر الزناتیین‪ ،‬ثم قدم إلیها المحاجیب الذین نزلوا توات سنة ‪ ٦٧٥‬هـ‪12٧٦ /‬م‬

  ‫وانتقلوا منها إلى ولاته فكانوا أول من نزلها من البیضان وأول من جعلها منارة علمیة وثقافیة‬
                                                                                ‫من أهلها‪.‬‬

  ‫ویروي ابن انبوجه العلوي أن یحیى ‪ -‬جد المحاجیب ‪ -‬قدم إلى ولاته وأهلها في ذلك العهد‬
  ‫یهود ففتحها بالحكمة الإلهیة وقال الطالب أبو بكر المحجوبي إن جده الأعلى یحیى الكامل قدم‬
   ‫إلى ولاته ومعه ابنه محمد وأخرجا منها أهلها بالقهر الرباني فكانت أرضها لهما ولبنیهما من‬

     ‫بعدهما ‪ ،‬ویقال أیضا إن یحیى كان بالعراق مع الشیخ عبد القادر الجیلاني (القرن السادس‬
      ‫الهجري ‪12 /‬م) قبل وصوله إلى ولاته عبر توات‪ .‬وازدهرت ولاته خلال القرنین السابع‬
 ‫والثامن للهجرة (‪14/13‬م) ازدهارا كبیرا‪ ،‬بعدما أصبحت مركز تبادل كبیر للقوافل‪ ،‬واحتفلت‬
‫بمرور الامبراطور المالي العظیم المنسا موسى بها في طریقه إلى الحج عام ‪٧2٥‬هـ‪1324 /‬م‪،‬‬
      ‫حاملا معه ك ّما هائلا من الذهب بهر به مؤرخي المشرق الذین كتبوا عن حجته‪ .‬وفي عام‬
  ‫‪٧3٧‬هـ‪133٦ /‬م احتل الامبراطور المنسا موسى تنبكتو وألحقها بامبراطوریته وبنى بها دارا‬

                ‫للسلطنة‪ ،‬وألحق ولاته بعمالات الامبراطوریة‪ ،‬وعین فیها الفربا (نائبا) یمثله ‪.‬‬

    ‫وكانت ولاته إذ ذاك مركزا كبیرا من مراكز القوافل الرئیسة التي تربط بین سجلماسة‬
 ‫وتنبكتو‪ ،‬وكانت مزدهرة غایة الازدهار‪ ،‬فنزلها عبد الواحد وعلي ْبنا عبد الرحمن بن أبي بكر‬

    ‫بن علي بن داود المقري وأسسا فیها مع إخوتهما شركة تجاریة كبرى سیطرت على محور‬
‫ولاته تلمسان مرورا بسجلماسة‪ ،‬كما ذكر ابن الخطیب الذي قال بأن «أبا بكر بن یحیى المقرى‬

  ‫وإخوته اشتهروا بالتجارة‪ ،‬فمهدوا طریق الصحراء بحفر الآبار وتأمین التجار‪ ،‬واتخذوا طبل‬
     ‫الرحیل‪ ،‬ورایة التقدم عند المسیر‪ ،‬فكان أبو بكر وأخوه محمد بتلمسان‪ ،‬وعبد الرحمن وهو‬
     ‫شقیقهما الأكبر بسجلماسة‪ ،‬وعبد الواحد وعلي وهما شقیقاهما الصغیران‪ ،‬بإیوالاتن [ولاته]‬
                   ‫فاتخذوا هذه الأقطار والحوائط والدیار‪ ،‬وتزوجوا النساء‪ ،‬واستولدوا الإماء‪.‬‬
   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75