Page 245 - merit 50
P. 245

‫‪243‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

    ‫تعاملنا مع المرددات الشفاهية‬                   ‫مواجهة الحقيقة)‪.‬‬         ‫يعتمدان على الباطن(‪ ،)28‬علاوة‬
    ‫أنها تعتمد على السماع‪ ،‬والذي‬         ‫الثانية‪ :‬مرحلة‬                  ‫على ميل كل من الزجال والصوفي‬
 ‫له علاقة مباشرة بالقلب لا الأذن‬    ‫العقل وهي التي تلي‬                   ‫إلى الاتحاد بالوجود والامتزاج به‬
    ‫التي يكون حظها فقط هو نقل‬       ‫مرحلة الوارد وتنبع‬
                                     ‫منه وتعرف في لغة‬                      ‫من خلال لغة الخصوص لا لغة‬
     ‫التكليف من أمر ونهي‪ ،‬بينما‬     ‫الصوفية بـ(التلوين‬                     ‫العموم‪ ،‬لغة الإيحاء والتلويح لا‬
  ‫الذي يتحقق له السمع هو القلب‬
  ‫باعتباره محل التكليف من إجابة‬             ‫والتمكين)‪.‬‬                           ‫لغة الوضوح والتصريح‪.‬‬
   ‫أو رفض‪ .‬وقد ورد السماع في‬          ‫الثالثة‪ :‬هي مرحلة‬                    ‫فولادة المرددة على جهة ما‪ ،‬هي‬
  ‫القران الكريم في اثنين وعشرين‬                                           ‫نص منظوم تعد بمثابة رحلة من‬
   ‫موض ًعا‪ ،‬كما ورد في الأحاديث‬           ‫العودة‪ ،‬عودة‬                    ‫رحلات الصوفية التي تنبني على‬
                                      ‫الزجالة إلى حالتها‬
    ‫النبوية الشريفة‪ ،‬قال الرسول‬       ‫العادية بعد ولادة‬                                    ‫ثلاث مراحل‪:‬‬
    ‫صلى الله عليه وسلم «حسنوا‬        ‫المرددة التي أجهدت‬                  ‫الأولى‪ :‬أن ترد المرددة على الزجالة‬
   ‫القرآن بأصواتكم فإن الصوت‬          ‫نفسها في تقويمها‬
   ‫الحسن يزيد القرآن حسنا»(‪،)29‬‬       ‫الدلالي والإيقاعي‪،‬‬                      ‫على هيئة وارد (تهيئة الذات‪،‬‬
  ‫ولا يقتصر السماع ‪-‬كما أوردنا‬         ‫ذلك ما يوضح لنا‬
  ‫ذلك‪ -‬على القرآن فقط‪ ،‬بل يشمل‬
   ‫الأشعار والأناشيد الدينية التي‬        ‫العلاقة الوطيدة‬
    ‫تثير البهجة الروحية‪ .‬لذا ف ُجل‬       ‫التي تجمع بين‬
  ‫التعريفات الاصطلاحية للسماع‬       ‫تجربة ناظمة المرددة‬
   ‫تدل على أنه شعر صوفي مغنى‬            ‫وتجربة الصوفي‬
  ‫يراعى فيه الميزان تطريبًا للمحبة‬  ‫باعتبارهما يشتركان‬
      ‫الالهية‪ ،‬وبذلك فهو عند أهل‬
‫التصوف تجل للمحبة وانتشاء بها‬              ‫في المعاناة من‬
                                       ‫أجل تحقيق الغاية‬
                 ‫وتموجد بلذتها‪.‬‬          ‫والهدف‪ .‬فالغاية‬
‫وبذلك يكون السماع عند الصوفية‬            ‫الفنية عند الأولى‬

  ‫وج ًها من أوجه الذكر من خلال‬           ‫(ولادة المرددة)‪،‬‬
     ‫ترديد أشعار أزجال وبراول‬             ‫والغاية الروحية عند الثاني‬
                                     ‫(الوصول إلى الحقيقة)‪ ،‬وملامسة‬
‫يتوسل لإنشادها بالطرب لما له من‬            ‫لصوفية المرددات النسوية‬
  ‫قدرة على صيد النفوس وتحويل‬            ‫الشعبية‪ ،‬يقتضي الدرس منا‪،‬‬
   ‫معادنها‪ ،‬ولا يتأتى ذلك إلا من‬
   ‫خلال تصويف الطرب وتحويل‬                             ‫تصنيفها إلى‪:‬‬
 ‫طبوعه ومقاماته من البعد اللاهي‬     ‫‪ -‬مرددات صوفية عامة‪ :‬تنشد في‬
  ‫إلى البعد الإلهي وتندرج المواريد‬   ‫فضاءات ومناسبات مختلفة‪ ،‬وقد‬
   ‫في النسق العرفاني من السماع‬
  ‫الإلهي إلى السماع الروحاني إلى‬      ‫تنشدها المرأة المتصوفة وغيرها‪.‬‬
                ‫السماع الطبيعي‬       ‫‪ -‬مرددات صوفية خاصة‪ :‬تنشد‬

                                       ‫من قبل المرددات (لفقيرات) في‬
                                       ‫مجالس الذكر بالزوايا‪ ،‬وتكون‬
                                      ‫أكثر عم ًقا للتجربة الصوفية لغ ًة‬

                                                  ‫ومعج ًما وحضو ًرا‪.‬‬
                                         ‫ومما يمكن أن نخلص إليه في‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250