Page 250 - merit 50
P. 250

‫أضاء وجه الشيخ عنتر عن‬                          ‫فتحي إسماعيل‬                           ‫رسول محمد رسول‬
     ‫ابتسامة تجمع بين الرضا‬
                                           ‫الدنيوي‪ ،‬وعلى المستوى‬      ‫مخيون كان تاري ًخا أو تقوي ًما‬
         ‫والتعجب»‪( .‬ص‪)127‬‬                                ‫الآخروي‪.‬‬      ‫جدي ًدا للقرية في حياته‪ ،‬التي‬
     ‫«توافد على المقام أهل البلد‬
   ‫يطلبون الشفاعة‪ ،‬ويتوسلون‬         ‫فحين أصر «العمدة جلال» أخو‬             ‫أصبحت فيما بعد تعرف‬
  ‫الرضا ويغدقون بالنذور على‬          ‫إقبال أن ينتقم من مخيون بعد‬       ‫بقرية الولي مخيون‪ ،‬فقد كان‬

                    ‫صندوقه»‪.‬‬           ‫معرفته بأمر الزواج‪ ،‬توقف‬           ‫الناس يؤرخون لأحداثهم‬
 ‫ربما كان هذا ما أراده كثيرون‬        ‫يائ ًسا حين رأى جسده هام ًدا‪،‬‬    ‫بيوم ظهور مخيون في القرية‪،‬‬
‫ليجدوا تفسي ًرا مري ًحا لما تمر به‬
‫أحوال القرية‪ ،‬شيء ما يطمئنهم‬             ‫وعلى شفتيه ابتسامة تح ٍّد‪،‬‬    ‫ويرتقي المخيون حين ترتبط‬
 ‫ويخرجهم من فزعهم وحزنهم‬                 ‫ودفن مخيون تحت النخلة‬         ‫به إقبال ليظهر معنى الجسد‬
 ‫الممتد‪ .‬فإذا كان وجود مخيون‬          ‫في أرض إقبال‪ ،‬وبقيت روحه‬          ‫الممتلئ بالعطاء والحب رغم‬
 ‫الطارئ على القرية غير مفسر‪،‬‬        ‫تطوف في أحلام البعض‪ ،‬وخيم‬           ‫إعاقته‪ ،‬لم تنل منه السخرية‬
                                       ‫على القرية حال لم تعدها من‬    ‫ونظرة أهالي القرية الدونية‪ ،‬أو‬
      ‫فقد ح َّول النا ُس موته إلى‬    ‫قبل‪ ،‬جعل الناس تفكر في سر‬       ‫التحرش والاعتداء‪ ،‬بل أظهر ما‬
                ‫أسطورة دينية‪.‬‬          ‫ما كان يحدث لهم بعد موت‬         ‫كان مختبئًا حين وجد الحب‪،‬‬
                                     ‫مخيون‪ ،‬ليصرخ أحدهم أخي ًرا‬         ‫فكانت الصفعة التي وجهها‬
      ‫استطاع السرد من خلال‬            ‫بعد صلاة الفجر أمام الجميع‬       ‫للغرور والكبر والطمع‪ ،‬حين‬
       ‫استخدام تيمة الجسد أن‬         ‫أن مخيون ولي من أولياء الله‪.‬‬     ‫قبل الزواج بإقبال‪ ،‬ولم يترك‬
       ‫يكشف كثي ًرا من الأبعاد‬                                        ‫مجا ًل للانتقام حين اختار أن‬
    ‫الاجتماعية والمفهوم الثقافي‬                      ‫«مخيون ولي‪.‬‬        ‫يلتحق بها إلى عالمها‪ .‬ارتقاء‬
   ‫في بيئة تنكر الجسد‪ ،‬وهويته‬              ‫جاءني منذ أيام في المنام‬   ‫على مستوويين‪ :‬على المستوى‬
‫ومتطلباته‪ ،‬فجميع الشخصيات‬
    ‫التي تناولها السرد تصارع‬                       ‫وأخبرني بذلك‪.‬‬
    ‫رغبات الجسد‪ ،‬وتعاني من‬
     ‫الحرمان‪ .‬فجسد َم ْن المعاق‬
    ‫ح ًّقا؟ ومن يستحق أن نطلق‬
  ‫عليه معا ًقا؟ معظم شخصيات‬
 ‫الرواية الرئيسية مثلت الإعاقة‬
   ‫الأخلاقية التي كشفتها إعاقة‬
 ‫مخيون‪ ،‬ولكن المجتمع الذي لا‬
 ‫يضع أخطاءه أمام المحاكة‪ ،‬ولا‬
‫يدين أعماله السيئة‪ ،‬يظل يبحث‬
  ‫عن خرافة يستند إليها‪ ،‬وقوة‬
‫غيبية ترفع عنه عواقب الخطايا‪.‬‬
‫ولم يجدوا سوى أن يجعلوا من‬
  ‫ذلك الغريب أسطورة ليعيدوه‬
   ‫إلى الحياة‪ ،‬ولكن بجسد آخر‬
‫مقدس لينتصب مقا ًما يحج إليه‬

                    ‫أهل القرية‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255