Page 253 - merit 50
P. 253

‫‪251‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

  ‫لحصد المواقع‪ ،‬وتأكيد الذات نحو‬      ‫السياسي المغربي عافيته‪( .‬ص‪-99‬‬          ‫أركان مشروعيته كسلطة سياسية‬
  ‫ضمان أقصر الطرق للوصول إلى‬                                    ‫‪)103‬‬        ‫مركزية‪ .‬وهذا الإجراء جعل من تلك‬

     ‫سلطة اتخاذ القرار‪ ،‬والارتباط‬          ‫وتحت عنوان‪« :‬المجتمع المدني‬         ‫التعددية‪ ،‬في نظر الكاتب‪ ،‬مجرد‬
 ‫المصلحي المرتكز على نزعة التبرير‬     ‫أو ًل»‪ ،‬الذي يفتتح به الفصل الثالث‬       ‫تقطيع أفقي للنخبة الحزبية‪ ،‬من‬
 ‫والتواطؤ؛ مما يجعل تلك الأعطاب‬         ‫المعنون بـ»النخبة المدنية‪ ..‬مجتمع‬      ‫أجل دفع هذه الأخيرة‪ ،‬من حيث‬
                                      ‫مدني بجينات تقليدية» يرى الكاتب‪،‬‬          ‫تشاء أو لا تشاء‪ ،‬إلى التفاوض‬
   ‫كارثية‪ ،‬تجعل من نخب المجتمع‬                                               ‫مع المخزن على اقتسام وتوزيع ما‬
‫المغربي مجرد كائنات صدوية‪ ،‬تعيد‬            ‫بأن مفهوم المجتمع المدني‪ ،‬في‬     ‫أسماه الكاتب بـ»الكعكة الانتخابية»‬
‫إنتاج ما يريده صناع القرار الفعلي‪.‬‬      ‫استعمالاته الحالية داخل المجتمع‬        ‫(ص‪)90 -87‬؛ مما جعل ملامح‬
                                       ‫المغربي‪ ،‬يتعارض دائ ًما مع أجهزة‬
                   ‫(‪)136 -127‬‬         ‫الدولة؛ بحيث يغدو الرهان عنده هو‬             ‫النخبة الحزبية مفتوحة على‬
      ‫أما في الفصل الرابع المعنون‬       ‫«المزيد من المجتمع ضد القليل من‬        ‫مجموعة من أعطاب تفرغ الفعل‬
        ‫بـ»النخبة المثقفة‪ ،‬بحثًا عن‬     ‫الدولة‪ ،‬أو المزيد من المجتمع ضد‬         ‫الحزبي من محتواه المواطناتيي‬
      ‫المثقف الملتزم»‪ ،‬فقد قدم فيه‬    ‫القليل من السياسة»‪ .‬فلا يمكن‪ ،‬على‬      ‫والديمقراطي‪ ،‬كالترحال من حزب‬
      ‫الكاتب توصي ًفا دقي ًقا لمفهوم‬    ‫مستوى الواقع الإجرائي‪ ،‬في رأي‬        ‫إلى آخر وغياب الخط الأيديولوجي‬
      ‫المثقف‪ ،‬طار ًحا بذلك إشكالية‬       ‫الكاتب‪ ،‬إيجاد تمثل تام وواقعي‬
‫«الأنتليجانسيا»‪ ،‬ودور هذه الأخيرة‬         ‫لهذا المعنى في الفضاء المجتمعي‬         ‫الواضح للأحزاب‪ ،‬والتقدم في‬
    ‫الاجتماعي في المجتمع المغربي‪:‬‬                                               ‫السن المرتبط بزعماء الأحزاب‪،‬‬
      ‫فإذا كانت الوظيفة الأساسية‬              ‫المغربي‪ .‬فكل هذه «الهياكل‬       ‫الذي ي ُحول دون ترشيح الشباب‬
   ‫للمثقف هي إنتاج المعرفة والنقد‬           ‫الجمعوية» وهذه «التنظيمات‬          ‫في تولي المسؤولية القيادية داخل‬
    ‫والتطوير‪ ،‬لإنجاح كل مشروع‬                ‫المدنية» لا تعبر‪ ،‬في الحقيقة‪،‬‬   ‫الحزب‪ ،‬بالإضافة إلى ضعف الأداء‬
       ‫سياسي ومجتمعي‪ ،‬المشكلة‬               ‫عن المعنى المفترض للمجتمع‬          ‫الوظيفي لأعضاء مجلس النواب‬
     ‫لخاصيات ما يسميه أنطونيو‬             ‫المدني‪ ،‬الذي يتماهى وما نحته‬           ‫والمستشارين وأعضاء المكاتب‬
  ‫غرامشي بالمثقف العضوي‪ ،‬فإنه‬            ‫المثقفون العضويون خلال عصر‬             ‫التنفيذية للأحزاب‪ ،‬بسبب عدم‬
 ‫يكون ذلك المثقف‪ ،‬في حالة المغرب‪،‬‬      ‫النهضة والأنوار‪ )115 -104( .‬إن‬        ‫توفرهم على شهادات جامعية عليا‬
   ‫قد تعرض لشتى أنواع ووسائل‬           ‫الانخراط في المجتمع المدني المغربي‬      ‫في مساراتهم الدراسية‪ ،‬وتنامي‬
‫التدجين والاحتواء من أجل تسهيل‬           ‫لا يكون دا ًّل‪ ،‬في نظر الكاتب عبد‬      ‫الأغلبية الصامتة الساخطة على‬
  ‫دمجه في النسق السياسي العام‪،‬‬        ‫الرحيم العطري‪ ،‬على انخراط مسبق‬
   ‫وتجفيف منابع كل ثورة مرتقبة‬        ‫في خيار الحداثة والتحديث‪ ،‬فهناك‪،‬‬             ‫الوضع‪ ،‬وغياب الديمقراطية‬
   ‫من قبله‪ .‬فقد راهن المخزن‪ ،‬بكل‬           ‫بحسب رأيه‪ ،‬ارتكان للخلفيات‬                 ‫الداخلية‪ ،‬وضعف آليات‬
   ‫ما انتهي من طرق إدماجية‪ ،‬على‬           ‫التقليدية؛ مما يجعل أمر تكوين‬
 ‫إنتاج دواجن بشرية‪ ‬تأتمر وتنتهي‬         ‫الجمعيات محكو ًما بسؤال القرابة‬         ‫الاستقطاب‪ ،‬ومحدودية التدخل‬
 ‫بما يريده هو‪ .‬وعليه‪ ،‬يرى الكاتب‬       ‫والعشائرية؛ تما ًما كما هو قائم في‬   ‫الحزبي وارتباطه في الغالب بالفترة‬
    ‫بأن هناك استعداد قبلي لبعض‬           ‫المشهد الحزبي‪( .‬ص‪)119 -116‬‬
      ‫المثقفين للدخول في الشبكات‬        ‫ومثلما نجد أعطا ًبا للأحزاب هناك‬       ‫الانتخابية‪ .‬فهذه أعطاب وعوامل‬
    ‫المصالحية للمخزن وفي معطف‬              ‫أي ًضا أعطاب قصوى للمجتمع‬         ‫تساعد المخزن في إنجاحه لمسلسل‬
 ‫السلطة‪( .‬ص‪ )156 -145‬فمتابعة‬                ‫المدني التي حددها الكاتب في‬
 ‫الكاتب النقدية لما يجيش به الحقل‬     ‫مجموعة من العناصر كغياب سؤال‬               ‫تمييع الفعل السياسي الواعد‪،‬‬
  ‫السوسيو سياسي المغربي‪ ،‬قادته‬         ‫الديمقراطية‪ ،‬والعقل المدني المتأخر‬    ‫وتجعل المواطن عاز ًفا عن المشاركة‬
 ‫إلى الاعتراف بوجود فئات متعددة‬          ‫عن تلبية الاحتياجات الأساسية‬
 ‫من المثقفين‪ :‬مثقف عضوي ملتزم‪،‬‬             ‫للمواطن‪ ،‬والتسلق الاجتماعي‬          ‫السياسية وراف ًضا بالتالي لفكرة‬
                                                                                ‫الانضواء إلى أي تنظيم حزبي‪.‬‬
                                                                                ‫لكن يبقى سؤال الأفق‪ ،‬في رأي‬
                                                                              ‫الكاتب‪ ،‬بالرغم من هذه الأعطاب‪،‬‬
                                                                            ‫مفتو ًحا في شقه الإيجابي على الزمن‬
                                                                               ‫المختلف الذي يستعيد فيه الزمن‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258