Page 249 - merit 50
P. 249

‫‪247‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

   ‫في ال ُكتَّاب‪ ،‬فتاة بدأت «تتفتح‬      ‫والاعتداء‪ ،‬وقد يستباح هذا‬         ‫فقد ركز سرد (هي عصاي)‬
      ‫كزهرة‪ ،‬طرح الله فاكهته‬             ‫الجسد فقط لكون صاحبه‬              ‫على تيمة الجسد حين اختار‬
                                         ‫مختلف عن الآخرين «ابن‬           ‫شخصية مثل مخيون مصاب‬
     ‫على صدرها‪ ،‬تنغز جلبابها‬            ‫الأفاعي أهطل لا ملة له ولا‬       ‫بإعاقة جسدية‪ ،‬كانت سببًا في‬
   ‫كنبقتين تستحثان عينيه على‬            ‫أهل‪ ،‬مثله مثل الجدار الذي‬      ‫تخلي والده عنه ونبذه ليعيش في‬
    ‫النظر‪ ..‬ليمونتين عامرتين‪..‬‬       ‫يستند إليه»‪( .‬ص‪ )15‬وهو ما‬          ‫اسطبل الحيوانات‪ ،‬هذه الإعاقة‬
   ‫نضجتا كرمانتين» (ص‪)29‬‬              ‫حدث مع مخيون حين حاول‬             ‫لم تؤثر على مشاعره الإنسانية‬
 ‫«يتراقص صدرها الناهد ومن‬              ‫بعض شباب القرية الاعتداء‬           ‫المرهفة وإحساسه العالي بما‬
 ‫تحت خصرها النحيل يترجرج‬             ‫عليه‪ ،‬ومحاولة مجاهد الجزار‬           ‫حوله‪ ،‬في حين أن الآخرين لا‬
                                                                       ‫يرون في جسده سوى معبر عن‬
             ‫ردفها»‪( .‬ص‪)30‬‬                            ‫التحرش به‪.‬‬        ‫الخبل والجنون والتيه‪« .‬ترشق‬
    ‫غيَّبها العمدة أبوها وألزمها‬      ‫غابت حقيقة مخيون عن أهل‬              ‫عيناه في مربع اللعبة‪ ،‬تتابع‬
 ‫الدار حين بدأ الجسد يعبِّر عن‬          ‫القرية‪ ،‬ولكن كان هناك من‬       ‫الأحجار وهي تتناوبها الأيدي‪..‬‬
  ‫أنثى تضج بالجمال‪ ،‬وهذا ما‬                                                ‫وقد تبدو على وجهه حسرة‬
    ‫رآه مخيون لأول مرة حين‬              ‫يتلصص ويراقب من خلف‬               ‫لهزيمة أحدهم أو تلمع نظرة‬
  ‫انكشفت له إقبال‪ ،‬صورة من‬                 ‫الجدران‪ ،‬وبعين مختلفة‬
   ‫السحر مختبئة خلف جدران‬                                                    ‫انتشاء عند انتصار آخر»‪.‬‬
‫قديمة‪« .‬لا يشبه ما رآه مخيون‬        ‫تستجلي هذا الجسد وتسنطقه‪،‬‬               ‫«لكن أذنه تلتقط همساتهم‪،‬‬
  ‫أ ًّيا من معالم القرية‪ ،‬ولا ينبئ‬               ‫إنها عين (إقبال)‪.‬‬
 ‫صمت البيت وجدرانه القديمة‬                                                   ‫عيناه تحط على وجوههم‪،‬‬
                                        ‫وفي لغة مواربة يستخدمها‬         ‫تتفحص صمت الشفاه وشرود‬
       ‫عن كل هذا السحر الذي‬           ‫السرد عند الحديث عن جسد‬
                       ‫يقطنه»‪.‬‬      ‫الأنثى «إقبال»‪ ،‬فيحضر الجسد‬           ‫العيون‪ ،‬تنهداتهم تنساب إلى‬
                                    ‫لغو ًّيا في الوقت الذي يغيب فيه‬                         ‫جمجمته»‪.‬‬
     ‫وعبرت رؤية إقبال المظهر‬        ‫فيزيائيًّا في الثقافة الاجتماعية‪،‬‬
    ‫الخارجي لمخيون‪ ،‬فقد كان‬                                                ‫هذا الجسد هو المتحدث عن‬
‫جسده يعبر عن شيء لم يدركه‬               ‫حين تصل الأنثى للاكتمال‬             ‫مخيون الذي لا ينطق‪ ،‬كان‬
     ‫الآخرون‪« .‬الغريب مظهره‬            ‫وتصبح مكمن الإثارة‪ .‬فكما‬             ‫في نفس الوقت مثي ًرا لعنف‬
     ‫يحكي شيئًا وعيناه تحكي‬                                               ‫الآخرين نحوه ومحط الرغبة‬
‫أشياء‪ ..‬حركته وارتباكه يعلنان‬             ‫رأى الشيخ «عنتر» جسد‬
    ‫سذاجة من لا يدرك صمته‬           ‫«إقبال» حين كانت تدرس عنده‬
‫الوقور‪ ،‬يخبر عن حكمة لم يفه‬
   ‫بها‪ ،‬تبدو نباهته كنداء بعيد‪،‬‬
   ‫وسط بعثرة وارتباك حاله»‪.‬‬

                      ‫(ص‪)41‬‬
    ‫وغزاها ذاك الغريب‪ ،‬وطرد‬
 ‫الحلم رؤاها القديمة‪ ،‬فما رأته‬
‫إقبال هو ذاتها الطفلة وسنوات‬
   ‫لهوها الأولى بعد أن غادرها‬
     ‫الناس ورفقتهم الموحشة‪.‬‬

‫جسد آخر لمخيون‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254