Page 234 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 234

‫العـدد ‪31‬‬          ‫‪232‬‬

                                                                  ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬             ‫وتنطفئ الأباچورة!‬
                                                                                  ‫أرجو ِك افعلي كل ذلك‪ ..‬لكن‬
      ‫خاصة بعذابات المرأة‪.‬‬             ‫صورة المرأة في الواقع!‬                    ‫لا تكتفي به‪ ،‬كوني شريكته‪،‬‬
  ‫إلى أن جاء عقد التسعينيات‬            ‫لعلك قرأ َت مثلي أن أول‬                ‫وليس مجرد استراحتِه‪ .‬فهذا هو‬
                                       ‫مسلس ٍل درامي ع َرضه‬
       ‫واحتلته دراما الجسد‬              ‫التليفزيون المصري في‬                            ‫(الاختيار) الحقيق ّي‪.‬‬
‫والرقص والجنس‪ِ ،‬من ناحية‪،‬‬          ‫ستينيات القرن الماضي كان‬
                                   ‫اسمه «الضحية»‪ ،‬وفيه لعبت‬                           ‫(‪)48‬‬
  ‫ودراما قوة المرأة وعلاقاتها‬       ‫الفنانة زيزي مصطفى دو َر‬                     ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬
  ‫برجال الأعمال والسياسة‪،‬‬        ‫فتا ٍة ريفية ضعيفة‪ ،‬لا حول لها‬
  ‫من ناحي ٍة أخرى‪ ،‬فض ًل عن‬       ‫ولا قوة‪ ،‬وأظن أن ما َت َل ذلك‬                    ‫عمرو الشيخ‬
    ‫أعمال الجاسوسية‪ ،‬وهي‬         ‫ِمن أعمال كان يدور في الإطار‬
‫الأعمال التي حاولت الانتصا َر‬      ‫نفسه‪« ،‬العسل المُر» لشمس‬                        ‫نعم‪ ،‬يمكن القول إن تاريخ‬
    ‫لفكرة قوة المرأة ونفوذها‬                                                       ‫الدراما المصرية هو تاريخ‬
 ‫(نادية الجندي ونبيلة عبيد)‬                 ‫البارودي‪ ،‬كمثال‪.‬‬                    ‫تهميش المرأة‪ ،‬قو ًل يكاد يكون‬
   ‫وهي كلها أعمال أقرب إلى‬            ‫لكن في فترة السبعينيات‬                        ‫واح ًدا‪ ،‬إلا في فتر ٍة زمنية‬
   ‫الكوميديا من ناحية‪ ،‬وإلى‬          ‫والثمانينيات تغير الوضع‬                  ‫استثنائية‪ ،‬ستأتي الإشارة إليها‬
  ‫الأساطير من ناحية أخرى!‬        ‫قلي ًل‪ ،‬بسبب كثير من القوانين‬
                                 ‫التي صدرت تحاول الانتصا َر‬                                        ‫لاح ًقا‪.‬‬
      ‫ولعل المسلسلات التي‬          ‫لبعض حقوق المرأة‪ ،‬وبسبب‬                       ‫والمقصو ُد بالتهميش هنا هو‬
  ‫أغفل ُت ِذكرها لم تكن بعيد ًة‬  ‫الحراك السياسي والاجتماعي‬                    ‫تهميش قضاياها‪ ،‬وليس تهميش‬
   ‫عن السياق نفسه‪ ،‬خاصة‬          ‫والثقافي الذي دار بين التيارات‬               ‫وجودها على الشاشة‪ ،‬لأن المرأة‬
   ‫الدراما التي ق ّدمها أسامة‬     ‫الدينية والليبرالية‪ ،‬وسياسا ِت‬              ‫كانت منذ ظهور الدراما المصرية‬
  ‫أنور عكاشة‪ ،‬والتي ظهرت‬         ‫الرئيس المؤمن‪ ،‬فظهرت أعمال‬                     ‫جز ًءا رئي ًسا من أجزائها‪ ،‬لكنه‬
  ‫فيها المرأة المصرية الشعبية‬        ‫سينمائية جديدة ومختلفة‬                      ‫على مستوى الانتصار لها لم‬
 ‫القادرة على ل ّم شمل الأسرة‪.‬‬         ‫تنتصر للمرأة وحقوقها‪،‬‬
   ‫لكن الملا َحظ في هذا كله أن‬     ‫مثل فيلم «أريد حلا» ‪،1975‬‬                         ‫يكن كذلك على الإطلاق‪.‬‬
   ‫المرأة وقضاياها وهمومها‬           ‫وفيلم «لا عزاء للسيدات»‪،‬‬                 ‫ونحن في موضوع صورة المرأة‬
                                  ‫‪ 1979‬لفاتن حمامة‪ ،‬ورغم أن‬                   ‫في الدراما المصرية‪ ،‬أمام حالتين‪،‬‬
       ‫كانت محو ًرا للدراما‪.‬‬       ‫الفيلمين أظهرا ضعف المرأة‬                   ‫الأولى اعتبار الدراما‪ ،‬سينمائيًّا‬
 ‫ومع إشراقة الألفية الجديدة‬        ‫وانكسا َرها‪ ،‬إلا أنهما انتصرا‬              ‫أو تليفزيونيًّا‪ ،‬معبّرة عن الواقع‪،‬‬
                                     ‫للمرأة‪ ،‬ولعلك تعرف جي ًدا‬
   ‫تغيّر الوضع تما ًما لتدخل‬        ‫أن هذين الفيلمين كانا لهما‬                    ‫و ِمرآ ًة له‪ ..‬والحالة الأخرى‪،‬‬
  ‫الدراما نفق التكريس للمرأة‬     ‫تأثير على قضايا المرأة المتعلقة‬                 ‫اعتبارها أدا ًة‪ ،‬لا لنقل صورة‬
                                   ‫بقوانين الأحوال الشخصية‪.‬‬                     ‫الواقع‪ ،‬ولكن للتعبير عن ُحلم‬
    ‫المهمشة‪ ،‬التابع‪ ،‬المريضة‬
       ‫نفسيًّا‪ ،‬ضحية جرائم‬               ‫في النصف الأول من‬                              ‫تغييره إلى الأفضل‪.‬‬
                                  ‫الثمانينيات ظهرت عدة أفلام‬                       ‫والحالتان يتبناهما صنّاع‬
  ‫الشرف‪ ،‬الخائنة‪ ،‬السلبية‪..‬‬       ‫أخرى تدور في الإطار نفسه‪،‬‬                        ‫الدراما ومتلقوها م ًعا‪ ،‬وفي‬
 ‫إلخ‪ .‬مع ملاحظة أنها الفترة‬        ‫«بريق عينيك» ‪« ،1982‬عف ًوا‬                      ‫الحقيقة أنا أميل إلى الحالة‬
‫التاريخية نفسها التي شهدت‬          ‫أيها القانون» ‪« ،1985‬زوجة‬                   ‫الأولى‪ ،‬بشرط أن تتوسل بالفن‬
                                                                              ‫في نقل أو في التعبير عن الواقع‪،‬‬
    ‫تراج ًعا كبي ًرا في منظومة‬       ‫رجل مهم» ‪ 1987‬ودارت‬                      ‫ومن َثم فإن كل الصور السلبية‬
  ‫القيم الاجتماعية والثقافية‪،‬‬         ‫الأفلام كلها في مساحا ٍت‬                  ‫ِمن إقصاء وتهميش‪ ،‬تلك التي‬
‫مع ارتفاع المد الديني وإرهاب‬                                                      ‫تف ّضلت بالإشارة إليها‪ ،‬هي‬
 ‫جماعات الإسلام السياسي‪،‬‬

     ‫وشيوع التدين الطقسي‬
  ‫ومظاهر الدروشة‪ ،‬والدعوة‬

    ‫المتأججة لعودة المرأة إلى‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239