Page 230 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 230

‫العـدد ‪31‬‬          ‫‪228‬‬

                                                                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬   ‫الرجل على المرأة‪ ،‬بما ف ّضل الله‬
                                                                                                                  ‫به بع َضهم على بعض (وليس‬
             ‫يستحق‪.‬‬                                       ‫تهجره ثم تضربه؟ أم أن‬                                   ‫بعضهن!)‪ ،‬وحق عقاب المرأة‪،‬‬
                                                          ‫المرأة ليس لها أي حق في‬                                  ‫ولو بالضرب (واضربوهن)‪،‬‬
‫نعود إلى التكليف بالضرب‬                              ‫عقاب زوجها؟! ولماذا لم تتسع‬
‫سنجد أننا أمام ن ٍص واحد‬                                ‫تأويلات‪« ،‬ولهن مثل الذي‬                                          ‫يكفيني هذان المثالان‪.‬‬
                                                     ‫عليهن بالمعروف»‪ ،‬إلى المساواة‬                                ‫‪ -‬لا تن َس صديقي القارئ أنه‬
‫أصدر أم ًرا صري ًحا مباش ًرا‬                                                                                     ‫لدينا سؤالان (‪ 1‬و‪ )2‬لم أتطرق‬
  ‫بمشروعية ضرب الزوج‬                                             ‫في حق العقاب؟!‬
                                                        ‫صديقي الأصولي لا تنزعج‬                                              ‫إلى إجابتهما بع ُد‪.‬‬
‫زوجته‪ ،‬لكننا سنجد مئات‬                                 ‫وتتوتر وانت ِظر‪ ،‬وقل لي‪ :‬هل‬                                    ‫المثالان السابقان و َر َدا في‬
                                                      ‫النص القرآني ‪-‬في تص ّورك‪-‬‬                                  ‫القرآن الكريم بوضو ٍح وجلاء‪،‬‬
‫النصوص التي تح ّدثنا عن‬                              ‫صنّف الرجل في مرتب ٍة عليا ثم‬                                 ‫ولن أتن ّطع وأنزلق كالمزايدين‬
‫قيمة العفو وفضلِه‪ .‬ولكن‬                                                                                               ‫الذين يبالغون في التأويل‬
                                                                  ‫من بعده المرأة؟‬                                   ‫وينحرفون به عن مواضعه‬
‫حتى هذا العفو لا يضع المرأ َة‬                          ‫لو تصارحنا لاسترحنا‪ ،‬و َ َلا‬                               ‫وكأنهم يعتذرون عن شيء ما‬
                                                     ‫َح ّملنا النصوص ما لا طاقة لها‬                                ‫في النص القرآني يسبب لهم‬
‫في المنزلة الأقل فحسب‪ ،‬بل‬                                                                                        ‫ح َر ًجا ما! ولذلك فلن أذهب كما‬
                                                                      ‫به ولا لنا‪.‬‬                                   ‫ذهب بعض أولئك الغلاة إلى‬
‫يضعها تحت طائلة العقاب‬                                    ‫عظيم‪ ..‬إ َذن النص القرآن‬                                 ‫أن الضرب بمعنى السفر‪ ،‬أو‬
‫من الذ َكر وهي صاغرة‪.‬‬                                 ‫يضع الرج َل في منزل ٍة تتيح له‬                              ‫أن الضرب عقوبة رمزية ولو‬
                                                        ‫حقو ًقا مثل أن تطيعه المرأة‪،‬‬                             ‫بعود ق ٍّش‪ ،‬متغافلين عن الإيذاء‬
      ‫كثي ًرا ما ذهب ْت نفسي‬                           ‫وأن يعا ِقبها‪ .‬ولكن التساؤل‬                                  ‫المعنوي أو جاهلين به‪ ،‬أو لا‬
    ‫حسرا ٍت وراء َت َم ٍّن أعلم‬                          ‫الأهم في تصوري هنا‪ :‬هل‬                                     ‫يكترثون إليه ولو كان ِفعل‬
 ‫أنه ِش ْب ُه مستحيل‪ ،‬يفترض‬                            ‫تلك الإتاحات مل ِزمة قاطعة؟‬                                ‫الضرب بورقة‪ .‬فمبدأ الضرب‬
‫فرضي ًة مؤ ّداها أن يكون ذلك‬                         ‫هل يأ َثم َمن لم يضرب زوجته‬                                     ‫ذاته كارث ّي‪ ،‬ولك أن تجيب‬
‫النص (نص واضربوه ّن)‬                                     ‫حين تخطئ؟ هل يأثم َمن‬                                  ‫عزيزي الغاضب مني‪ :‬أ َو َترضاه‬
‫مث ًل قد ُن ِسخ ُحك ًما وبقي‬                         ‫يعامل زوجته بوصفها شري ًكا‬                                       ‫لأ ِّمك‪ ،‬أو أختك‪ ،‬أو ابنتك؟‬
‫ن ًّصا‪ ..‬ولكنّني لا أريد أن‬                          ‫له قد تماثله عق ًل‪ ،‬أو تفوقه‪ ،‬أو‬                           ‫ومع ذلك وبكل وضوح فالقرآن‬
‫أبحث للنص عن َمخرج‪،‬‬                                  ‫تتأخر عنه؟ هل يأ َثم إنسان ما‬                                    ‫الكريم أم َر بالضرب‪ .‬نعم‬
             ‫فالمأزوم ليس النص‬                        ‫َت َخلى طواعي ًة عن تكلي ٍف يبيح‬                            ‫الضرب بمعناه المتعا َرف عليه‬
                                                     ‫له حق عقاب أي إنسان ما؟ هل‬                                   ‫والمتفق مع نسق الآية وسياق‬
‫بالأساس‪ ،‬إنما المأزوم هو َمن‬                                                                                        ‫الآيات‪ ،‬وهو تصعيد لمراح َل‬
‫يعيش في سجن لف ٍظ وتكليف‬                                    ‫إسقاط العقاب تفريط؟‬                                      ‫َس َبقته من الوعظ‪ ،‬فالهجر‪،‬‬
                                                       ‫بمعنى‪ :‬تكاليف العقوبات في‬
‫على سبيل التصعيد في التهديد‬                             ‫النصوص الدينية السماوية‬                                                   ‫فالضرب‪..‬‬
‫بعقوب ٍة تستجيب لسياقيها‬                               ‫أو الأرضية والقوانين ككل‪،‬‬                                        ‫هنا تقفز إلى ذهني عدة‬
                                                      ‫يمكن لصاحب الحق أن يتخلى‬                                     ‫تساؤلات‪ :‬هل افتر َض النص‬
‫ولكن مع‬      ‫الزمن ّي والمجتمع ّي‪.‬‬                      ‫معنجامحلقةهأوعفلأًوايو َعملر ٍة أحمخةرأىو‪.‬‬                 ‫القرآني ِعصمة جنس الذكور‬
‫أمامنا ِمن‬   ‫تطور الحياة لا مفر‬                         ‫لكن‪ ..‬تكاليف البِر والثواب‬                               ‫ككل فلم يش ّرع عقوب ًة ضدهم؟‬
‫تطوير آليات ت َل ّقينا النصوص‪.‬‬                          ‫والمنح ليس ِمن حق المكلَّف‬                                ‫وهل خطأ الرجل ضد زوجته‬
                                                     ‫بها أن يتقاعس عنها‪ .‬فلن تأ َثم‬                                 ‫يبيح لها حقوق أن َتعظه ثم‬
‫ولست بالطبع أرمي إلى أ ّن‬                             ‫لو لم تعاقب مخطئًا في حقك‪،‬‬
                                                       ‫لكنك ستأثم لو لم تكافئ َمن‬
 ‫والزمن‬      ‫املتنغ ّيصر‪.‬تالكرنّينخي ٌّيمثؤابم ٌٌنت‬
‫أ ّن الن ّص‬
‫يستم ُّد حيا َته من حياة عقل‬
‫متلقيه‪ ،‬ومن حياة لغته‪،‬‬

‫واتساع آليات دراساتها‪ ،‬كي‬

‫أغلق با ًبا يو ّد المتربصون‬
‫بكل فك ٍر سا ٍع إلى الاستنارة‬
‫أن يفتحوا منه سي ًل من‬

             ‫الاتهامات‪.‬‬
‫إ َذن النص القرآني الكريم‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235