Page 231 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 231

‫‪229‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫التي يرونها كافر ًة ومل ِحدة‬       ‫فيما نعيبه على الآخرين ِمن‬       ‫قال بوضوح «اضربوهن»‪ ..‬هيا‬
   ‫وزنديقة‪ ،‬نوال السعداوي‪،‬‬         ‫استمرارهم في إعادة إنتاج ما‬
 ‫وهي تخوض حرو َب الختان‬           ‫َسبق‪ ،‬دون أن نحقق خطو ًة إلى‬        ‫صديقي القارئ است ِجب و ُقم‬
  ‫ضد المؤسسة الدينية‪ ،‬التي‬                                             ‫و َت َحين أي موق ٍف لا يروقك‬
   ‫نا َصبتها العدا َء والكراهية‪،‬‬                      ‫الإمام‪.‬‬         ‫لزوجتك واضربها ولا تتردد!‬
 ‫وضد الجهل والخرافة‪ ..‬وها‬           ‫يكفي أن أقول لك إنني متفق‬
  ‫هم الآن يعلنون بكل صغا ٍر‬         ‫معك على أن الضرب في الآية‬         ‫أزمتنا ليست مع النص‪ ،‬لكنها‬
  ‫ومذلة أن الختان ليس سنّة‬          ‫هو الضرب الذي نعرف‪ ،‬ولا‬           ‫مع العقلية الأصوليّة التي تتل ّذذ‬
 ‫ولا دينًا‪ ،‬فهل رأي َت بعد ذلك‬       ‫أظنه ضر ًبا في الأرض‪ ،‬ولا‬        ‫الخلايا السادية النائمة فيها وفي‬
                                    ‫ضر ًبا بمعنى الم َها َجرة‪ ،‬وإنما‬
     ‫توق ًفا أو قضا ًء على هذه‬                                        ‫نفوس أصحابها وعقولهم بوطء‬
                  ‫العادة؟!‬             ‫ُت َعد تأويلاتهم ضر ًبا من‬
                                     ‫المحاولات المستميتة لتبرئة‬       ‫المرأة دون إرادتها‪ ،‬وضر ِبها‪.‬‬
   ‫إ ّن آخر ما يمكن أن نراهن‬      ‫النص مما يظنونه غي َر لائ ٍق به!‬    ‫أق ِسم بالله أنا س ِمع ُت بعض‬
   ‫عليه في قضايا المرأة‪ ،‬وفي‬        ‫«هل َجنت النصوص الدينية‬           ‫الحكايات عمن يو ِقظ امرأ َته‬
‫غيرها ِمن القضايا الاجتماعية‬                                                       ‫بغلظ ٍة ليعاشرها‪،‬‬
 ‫المتصلة بالدين وبالتراث‪ ،‬هو‬                       ‫على المرأة؟‬        ‫وهو أسا ًسا‬  ‫مقا ِط ٌع لها في تلك‬
 ‫تأويل النصوص لاستخراج‬                     ‫أم إنه الفهم القاصر‬           ‫الفترة‪،‬‬
    ‫معا ٍن جديدة‪ ،‬لا أنكر أنها‬                                        ‫مستنِ ًدا إلى ف ْهم عقله العفن‬
 ‫مهمة ج ًّدا‪ ،‬لكنها لا يمكن أن‬                   ‫والمغرض؟»‪.‬‬           ‫لتأويلات عفنة للنصوص‪،‬‬
                                       ‫المشكلة ليست في الإجابة‬         ‫متت ّر ًسا ب َمن يلعنها ِمن الملائكة‬
         ‫تكون وح َدها ح ًّل!‬                                              ‫إذا َع َصته! لقد أخرج هؤلاء‬
   ‫الحل يكمن في الابتعاد عن‬              ‫عن السؤالين‪ ،‬لكنها في‬
                                     ‫العقل العربي الذي لا تعنيه‬       ‫المرأة ِمن دائرة الإنسان بني آدم‬
    ‫سلطة النصوص‪ ،‬ولعلك‬
‫تعرف أكثر مني أن الدعو َة إلى‬           ‫الإجابات بقدر ما تعنيه‬        ‫الذي ك ّرمه الله عز وجل‪.‬‬
 ‫الابتعاد عن سلطة النصوص‬            ‫صعوبة التخلي عن معتقداته‬          ‫عساني أكون قد أجبت عن‬
                                     ‫وثوابته ومسلّماته‪ ،‬وأريدك‬
  ‫تلك هي التي ف ّجرت قضية‬                                              ‫التساؤلين الأولين‪« :‬هل َجنت‬
 ‫الدكتور نصر حامد أبو زيد‪،‬‬            ‫أن تفترض جد ًل معي‪ ،‬أن‬          ‫النصوص الدينية على المرأة؟ أم‬
                                       ‫الأزهر الشريف‪ ،‬وإما َمه‬
   ‫لأن العقل المسلِم فه َم منها‬   ‫الفاضل المستنير‪ ،‬ومعهما دور‬         ‫إنه الفهم القاصر والمغرض؟»‪.‬‬
‫تهميش النص الديني أو إلقا َءه‬        ‫الإفتاء ومراكز التشريع في‬
                                    ‫كل الدول الإسلامية‪ ،‬اتفقت‬         ‫لا يعقل أن الدين الذي جاء‬
  ‫في سلة التاريخ‪ ،‬وهو ما لم‬         ‫على أن الحجاب ليس فر ًضا‪،‬‬
‫يقل به الرجل‪ ،‬وما لا نقول به‬          ‫ولا ُسنّة‪ ،‬وقالوا إنه عادة‪،‬‬     ‫ليحرر الإنسان ويسمو به‬
                                    ‫أو أنهم أق َسموا للناس بأغلظ‬      ‫ينحصر دوره على الذ َكر‬
              ‫معه بالطبع‪.‬‬            ‫الأيمان أن زيارة الأضرحة‬
 ‫نحن نقول إن الحياة ينظمها‬            ‫والتبرك بالقبور‪ ،‬ليس ِمن‬        ‫فحسب‪ ،‬ولا يمكن أن تستمر‬
  ‫الدستور والقانون‪ ،‬والنص‬           ‫الدين في شيء‪ ..‬أترى الناس‬         ‫معاناة المرأة في ظلِّه‪ ،‬وأن ينطلق‬
                                   ‫منصرفين عن ذلك؟! أتظن أن‬
     ‫الديني نص استرشادي‬            ‫المرأة المسلِمة نفسها يمكن أن‬      ‫َمن يهينها ويسلبها حقوقها‬
    ‫روحي‪ ،‬وهذا ليس متا ًحا‬          ‫تستشعر ذا َتها بغير حجاب؟‬                      ‫متت ِر ًسا به‪.‬‬
   ‫بقرار سيادي فقط تفرضه‬                ‫وما لنا نفترض جد ًل يا‬
                                    ‫صديقي؟ لعلك تتذكر الجها َد‬             ‫(‪)46‬‬
      ‫الدولة‪ ،‬لكنه يحتاج إلى‬         ‫العنيف الذي خاضته المرأة‬         ‫صديقي الأستاذ‪/‬‬
 ‫سنوا ٍت لتطبيقه وفر ِضه على‬
‫المنظومة التعليمية والإعلامية‪،‬‬                                         ‫عمرو الشيخ‬

    ‫ليتحول بمرور الوقت إلى‬                                            ‫لو أننا ُخضنا حوار التأويل‬
                                                                      ‫حول آية النشوز‪ ،‬تلك التي‬
                                                                      ‫تفضل َت بالوقوف عند دلالة‬
                                                                       ‫الضرب فيها‪ ،‬فإننا سنقع‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236